هل سيصمد منتجو النحل أمام الخطر القادم؟ أسباب رئيسية لظاهرة فقد النحل

هل سيصمد منتجو النحل أمام الخطر القادم؟ أسباب رئيسية لظاهرة فقد النحل..


يميل المعنيون والمهتمون بتربية النحل سواء في سورية أو العالم للاعتقاد بوجود قاتل غامض للنحل لم يكن معروفاً سابقاً ولم يتم تحديده بوضوح ودقة.

فرغم أن ندوة النحل وإنتاج العسل التي أقامها الاتحاد العام للفلاحين عام 1994 قد أشارت إلى عدد من الأمراض والقضايا التي تُضعف طائفة النحل وقد تؤدي إلى فقدانها.. إلا أن هذه الندوة لم تشر آنذاك إلى وجود ظاهرة تسمى فقد أو توهان النحل وإنما تحدثت عن تسبب مرض الفاروا ( قراد النحل) بفقد 40% من النحل بأمريكا وأنه هاجم نحل العسل بسورية وأدى للقضاء على آلاف الخلايا قبل معرفة السبب وبعدها.‏

ما الجديد؟‏
يؤكد الدكتور عبد الحكيم محمد مدير وقاية النبات بوزارة الزراعة تعرض تربية النحل في العالم إلى ظاهرة تسمى الغياب الغامض لطوائف النحل(C.C.D) دون أن يملك العلماء فهماً علمياً دقيقاً لهذه الظاهرة أو تحديد أسبابها بشكل دقيق وقد اكتشفت هذه الظاهرة لأول مرة نهاية عام 2006 شمال الولايات المتحدة الأمريكية كما لُحظت الظاهرة في أوربا وكثير من دول العالم.‏

ويشير د. المحمد إلى خمسة أعراض تظهر على طائفة النحل لم تكن مألوفة سابقاً هي:‏

1ـ غياب تام للنحل البالغ في الطائفة مع عدم وجود نحل ميت أو وجود القليل منه أسفل الإطارات أو تحت الخلية من الخارج.‏

2ـ وجود مخزون جيد من الغذاء ( حبوب طلع ـ عسل) في الطائفة ورغم ذلك فهي لاتتطور.‏

3ـ أفراد الطائفة لاتُقبل على التغذية المعدة لها( محاليل سكرية ومركبات بروتينية).‏

4ـ عدم وجود عدد كاف من العاملات للمحافظة على الحضنة مع وجود الملكة.‏

5ـ عدم تعرض الخلايا التي يُفقد نحلها للسرقة أو مهاجمة آفة الشمع..‏

أعراض أخرى..‏
ويشير المهندس محمد أكرم عكاري رئيس شعبة النحل والحرير بزراعة حماة إلى وجود عدد من الأعراض التي تظهر على طوائف النحل كأن تقوم العاملات بمهاجمة الملكة بعد شهرين من فقسها أو إدخالها للخلية رغم أن عمرها الافتراضي يُقدر بأربع سنوات أو أن تتوقف الملكة عن وضع البيض أو أن توجد في الخلية عدة أمات كاذبة تضع بيوضاً تنتج ذكوراً فقط.‏

أما الدكتور محمد فرج الفرجي رئيس مخبر أمراض النحل بزراعة حماة ـ أمين سر اتحاد النحالين العرب فقد أشار في دراسة خاصة بالموضوع إلى وجود عدة أعراض أخرى ـ غير المذكورة سابقاً, هي:‏

ـ موت الطوائف واحدة تلو أخرى دون تحديد الأسباب.‏

ـ حركة طيران الشغالات أمام المداخل بطيئة ولاتعبر عن عدد الأقراص المشغولة.‏

ـ الشغالات تبعد الذكور أو تقتلها‏

ـ الحراسة على مدخل الخلايا ضعيفة.‏

هل تأثرنا؟؟‏
بلغت نسبة الفقد في الولايات المتحدة الأمريكية 25ـ40% وبألمانيا 12ـ80% وبإيطاليا 50% وتوقعت جريدة الصنداي تايمز اختفاء النحل من بريطانيا بحلول عام 2018..‏

أما في سورية فيؤكد الدكتور المحمد أن نسبة الفقد 15ـ40بالمئة من العدد الكلي للخلايا والطوائف عند المربين ووصل في حالات فردية إلى 70%.‏

أما المهندس عكاري فيشير صراحة إلى انسحاب 10ـ15% من مربي النحل بحماة من هذا القطاع ويؤكد وجود تناقص بعدد الطوائف وإنتاج النحل حيث انخفض إنتاج الخلية الواحدة من /10ـ15) كغ من العسل إلى (5) كغ حالياً, ويشير إلى أن ارتفاع عدد الخلايا من 43871 خلية عام 2004 إلى 47458 خلية عام 2005 رافقه انخفاض كمية العسل من 281 طناً إلى 176 طناً في العامين المذكورين .. ورغم ازدياد الخلايا وارتفاع الإنتاج إلى 235 طناً عام 2006 إلا أنه مالبث أن انخفض إلى 127 طنا عام 2007 و135 طناً عام 2008 و150 طناً عام 2009 أما فيما يتعلق بإجمالي المحافظة ( زراعة حماة وهيئة تطوير الغاب) فقد أشارت الأرقام الإحصائية المتوافرة إلى تناقص عدد خلايا النحل من 82110 خلايا عام 2007 إلى 82055 خلية عام 2008 مقابل زيادة بإنتاج العسل من 246 طناً إلى 260 طناً خلال العامين المذكورين.‏

ماهي الأسباب؟؟‏
من الصعب جداً حصر أسباب محددة وواضحة لظاهرة اختفاء النحل, ويحصر الدكتور المحمد الظاهرة في ستة أسباب رئيسة هي:‏

1ـ أسباب مناخية كارتفاع درجات الحرارة وزيادة غاز الكربون وحرائق الغابات وقلة الأمطار والجفاف وغياب الغطاء النباتي وأزهاره التي تشكل المصدر الرئيس للرحيق وحبوب الطلع.‏

2ـ تعرض النحل للتسمم نتيجة استخدام المبيدات الحشرية مايسبب قتل النحل وتوهانه.‏

3ـ تعدد مصادر الإشعاع كالخلوي والغازات الصادرة عن المعامل والأمطار الحامضية والتلوث الجوي.‏

4ـ استخدام المحاصيل المعدلة وراثياً والتي يُعتقد أنها تنتج بروتينات سامة.‏

5ـ أسباب مرضية ناتجة عن سوء التغذية ونقص المناعة الذاتية ما أدى لانتشار الأمراض الفيروسية كالشلل والفاروا والنوزيما.‏

6ـ أسباب فنية تتمثل باختيار الموقع غير المناسب والقطف الجائر للعسل والإدخال العشوائي للملكات المهربة والتقسيم الجائر للخلايا.‏

أما المهندس عكاري فيؤكد أن الجوع هو السبب الرئيسي ففقدان المراعي وظروف الجفاف وتخفيض نسبة الزراعات المروية الصيفية ساهمت بظاهرة فقد النحل بنسبة 80% وأثرت مسألة الخلط الوراثي والانعزالات الوراثية بنسبة 10% وأثرت الأسباب الأخرى كالقراد والأمراض بنسبة 10%.‏

ويؤكد عدد من المعنيين أن القراد هو أساس بلاء النحل فهو يتسبب بسبعة أمراض فيروسية وجرثومية منها الشلل ويتسبب بضعف النحلة وهزالها وعدم قدرتها على العمل وكذلك موت الحضنة وضعفها وتشوهها.‏

أما الدكتور الفرجي فإنه يسهب بالحديث عن أسباب كثيرة لظاهرة فقد النحل ويؤكد أن 70% من النحالين بسورية هواة مترددون غير متفرغين لمراقبة مايجري من تطورات إيجابية لدعمها وسلبية لتلافيها وأن 50% من النحالين يملكون عدداً كبيراً من الطوائف وإدارة ومعرفة ورأسمال محددة.‏

ويشير إلى تراجع الغطاء النباتي الطبيعي لعدة أسباب كاستصلاح الأراضي الجبلية والمحجرة وقلع النباتات الطبية والعسلية للاتجار بها ورعي الأغنام للمناطق المروية.‏

ويؤكد الدكتور الفرجي وجود أمراض معروفة السبب كالقراد ومرض الحضنة الأمريكي الذي يمكن أن يقضي على مناحل بكاملها.. إضافة إلى أمراض مجهولة الأسباب تتمثل بهجرة النحل وبمرض اختفاء النحل الغامض (نحل كبير يخرج ولايعود, نحل فتي ينمو ببطء)‏

ويقول إن المبيدات تسبب توهان وضياع النحل بسبب تأثيرها على الجهاز العصبي فيضيع عن خليته وأن المبيدات الزراعية تتسبب بموت 70% من النحل السارح خلال 24 ساعة خاصة إذا كان الحقل المعامل بالمبيد هو الحقل الوحيد كما أنها تؤثر لاحقاً على مبايض الملكات وتتسبب بتشوهها.‏

هل نسينا شيئاً . . ؟‏
أشارت الآراء إلى أن القطف الجائر للعسل يسبب إجهاد وضعف الطائفة.. وبالمناسبة فقد انتشرت منذ سنوات تجارة مايُسمى العسل الأبيض أو غذاء الملكة مايستدعي السؤال عن مدى نجاح المربين بقطف كمية مناسبة منه أو بتربية الملكات إذ إنَّ 70% منهم هواة كما أسلفنا..‏

وآخر الأخبار الواردة عن عالم النحل تقول إن المكان إذا ضاق بنحل العسل فإنه يلجأ للتزاوج مايؤدي أولاً إلى تراجع نسبة الفقس ثم يؤدي على المدى البعيد إلى انتهاء تكاثر النحل في تلك المنطقة.‏

أحمد عبد العزيز الحمدو
دراسات تنموية الثلاثاء:11-1-2011
https://www.facebook.com/groups/apiculteur/