حساسية لدغات الحشرات.. خطر داهم يهدد الحياة

حساسية لدغات الحشرات.. خطر داهم يهدد الحياة

[العلاج المناعي يحد من خطر لدغات الحشرات - (د ب أ)]
ميونيخ- تندرج الحساسية تجاه لدغات الحشرات ضمن أنواع الحساسية الخطيرة التي قد تهدد الحياة إذا لم يتم إجراء الإسعافات الأولية اللازمة على وجه السرعة. ويسهم العلاج المناعي في الحد من هذا الخطر بشكل كبير.
وأوضح اختصاصي الأمراض الجلدية وعلاج الحساسية الألماني برنهارد برتسيبيلا، أن لدغة نحل العسل والدبابير تعد من أكثر الأسباب شيوعاً للإصابة بحساسية تجاه لدغات الحشرات.
ويُطمئن برتسيبيلا من جامعة لودفيغ ماكسيميليان بمدينة ميونيخ، أنه من الطبيعي جداً أن يستجيب جسم الإنسان للسم الموجود في هذه الحشرات من خلال ظهور مواضع تورم مؤلمة حول موضع اللدغة يصل حجم قُطرها أحياناً لأكثر من 10 سنتيمترات وتستمر لمدة تزيد على 24 ساعة.
وصحيح أن الحساسية تجاه لدغات الحشرات تتسبب في إزعاج المريض، إلا أن اختصاصي الأمراض الجلدية برتسيبيلا يُطمئن أنه غالباً ما يمكن علاج الأعراض الناتجة عنها على نحو جيد باستخدام كمادات رطبة باردة والكريمات المضادة للالتهاب؛ حيث يمكن بذلك أن تتلاشى هذه الأعراض تماماً بعد بضعة أيام.
وحذر برتسيبيلا من إمكانية أن تتسبب لدغات الحشرات في إحداث استجابات تحسسية أقوى من ذلك، موضحاً: "تظهر لدى قليل من الأشخاص استجابات تحسسية مفرطة تجاه لدغة الحشرات، ولا تظهر المتاعب الناتجة عن هذه الاستجابات في موضع لدغ الحشرة، وإنما تمتد لجميع الوظائف الحيوية بالجسم ويمكن أن تعرض حياة المريض للخطر".
وتتمثل الأعراض المميزة للحساسية المفرطة في الشعور بوخز في كف اليد وباطن القدم مع ظهور بثور مصحوبة باحمرار على الجسم بأكمله، إلى جانب الإصابة بضيق في التنفس وتسارع ضربات القلب.
صدمة تحسسية
كما أنه من الممكن أن يعاني المريض من بعض متاعب الدورة الدموية كالدوار أو الشعور العام بالضعف، والتي غالباً ما تبدأ في غضون مدة تتراوح بين دقائق معدودة ونصف ساعة بعد اللدغة، وقد يصل الأمر، في أسوأ الأحوال، إلى الإصابة بصدمة تحسسية، أي توقف تام في الجهاز القلبي الوعائي.
وأردف الطبيب الألماني برتسيبيلا قائلاً "للأسف لم يتم التوصل حتى الآن للعوامل التي يمكن الاستدلال منها بشكل مسبق على مدى خطورة الإصابة بمثل هذه الاستجابات التحسسية المفرطة؛ ومن ثمّ لا يتم التحقق من ذلك إلا بعد الإصابة بها للمرة الأولى"، ولكنه أكد في الوقت ذاته أن الشخص الذي أُصيب بهذه الحساسية المفرطة مرة في حياته، سيظل معرضاً لخطر الإصابة بها من جديد طوال حياته.
البروفيسورة الألمانية مارغريتا فورم، توضح أن خطر الإصابة بهذه الاستجابات التحسسية المفرطة يزداد بشكل كبير عند الإصابة بالحساسية تجاه لدغات الحشرات مقارنةً بغيرها من أنواع الحساسية؛ كحساسية حبوب اللقاح مثلاً.
وأرجعت فورم، مدير مركز علاج الحساسية التابع لمستشفى شاريتيه الألمانية بالعاصمة برلين، ذلك إلى أن مسببات الحساسية في هذه الحالة تقتحم الجسم بشكل مباشر عن طريق لدغة الحشرة؛ ومن ثمّ تصل كميات كبيرة منها إلى الجسم.
وتُطمئن الطبيبة الألمانية فورم أن أشد أشكال الحساسية المفرطة تجاه لدغات الحشرات والمعروفة بالصدمة التحسسية، لا تحدث إلا بمعدل نادر للغاية، إلا أنها حذرت في الوقت ذاته من إمكانية أن تتسبب في تعرض حياة المريض للخطر، ما يؤدي في أسوأ الأحوال إلى فقدان حياته.
لذا أكدت فورم قائلة "لابد من استدعاء طبيب طوارئ على الفور عند ظهور أعراض الحساسية المفرطة بعد لدغة الحشرة والتي تظهر في ضيق التنفس أو أعراض اضطرابات الدورة الدموية كالدوار وتسارع ضربات القلب والإغماء"، لافتةً إلى أنه لابد من الخضوع للفحص أيضاً بشكل مباشر لدى طبيب عام أو اختصاصي حساسية عند الإصابة بالاستجابات التحسسية الأقل حدة كالتي تظهر فقط على الجلد.
العلاج المناعي
ولعلاج هذه النوعية من الحساسية، أوصت فورم بتلقي العلاج المناعي، والذي يتم خلاله حقن المريض بكميات مخففة من سم الحشرات المصابين بحساسية تجاهها على مدار فترة طويلة وبصورة منتظمة؛ حيث يتعوّد جهاز المناعة لديه بذلك على مسببات الحساسية تدريجياً؛ ومن ثمّ تقل استجابته التحسسية المفرطة تجاه لدغات الحشرات بصورة مستمرة وعلى المدى الطويل.
وأردفت اختصاصية علاج الحساسية فورم أنه عادةً ما تستغرق مدة العلاج 3 إلى 5 سنوات على أقل تقدير، لافتةً إلى أنه عادةً ما ينخفض معدل إصابة المرضى باستجابات تحسسية شديدة خلال هذه الفترة بمعدل الثلث تقريباً. وتابعت قائلة: "يعمل العلاج المناعي على حماية أكثر من 90 % ممن يخضع له من الإصابة باستجابات تحسسية مفرطة مرة أخرى".
وإلى أن تكتمل فاعلية العلاج المناعي، أوصت البروفيسورة فورم بضرورة اتخاذ بعض الإجراءات الاحترازية للوقاية من الإصابة بمثل هذه الاستجابات التحسسية المفرطة مرة ثانية، لاسيما باصطحاب حقيبة الإسعافات الأولية، التي يتم إعطاؤها للمريض بعد التحقق من إصابته بالحساسية تجاه لدغات الحشرات، والتي تحتوي على أدوية تعمل على إنقاذ حياته في حال التعرض للدغات مرة أخرى، مشددةً على ضرورة اصطحاب هذه الحقيبة على الدوام، لاسيما خلال الربيع والصيف والخريف.
وإلى جانب ذلك، أوصى اختصاصي أمراض الحساسية الألماني شتيفان موليتور، المرضى بضرورة تجنب بعض السلوكيات الخاطئة المحفزة لوصول الحشرات لأماكن تواجدهم كعدم الانتباه مثلاً أثناء تناول الطعام في الأماكن المفتوحة أو الإمساك بالفاكهة خلال فترات الحصاد بدون توخي الحذر لوجود حشرات.
وشدد اختصاصي علاج الحساسية الألماني موليتور أيضاً على ضرورة الاستغناء أيضاً عن العطور ذات الروائح النفاذة وارتداء الملابس الفاتحة؛ حيث تعمل هذه الأشياء على جذب الحشرات إليهم؛ ومن ثمّ يرتفع خطر التعرض للدغاتها.-(د ب أ)

الأربعاء 26 شباط / فبراير 2014.