التغير المناخي وتأثيره على النحل و تناقص إنتاج العسل

أدى الاحتباس الحراري العالمي إلى إزهار العديد من النباتات قبل موعدها، بل وقبل أن يخرج نحل العسل من سباته الشتوي، الأمر الذي أثار مخاوف من حدوث انخفاض في معدل التلقيح على المدى الطويل وعليه أجرى مجموعة من الباحثين في جامعة ميونخ بألمانيا دراسة حول كيفية تعامل النحل مع التغير في درجة حرارة الأرض.
يقول احد الخبراء الألمان- يورجن تاوتس -: ''لاحظنا بصورة متزايدة وجود علاقة متنامية بصورة لم يسبق لها مثيل بين درجة الحرارة ونشاط الطيران عند النحل''.
لقد أظهر البحث أن موسم الربيع الأوروبي يتقدم يومين ونصف اليوم كل عشرة أعوام ، ولكن لا يزال من غير المعروف كيف يؤثر الارتفاع المبكر في درجات الحرارة على سلوك النحل.
و يجري البحث حاليا على تقصي الحقائق بشأن كيفية استجابة النحل لدرجات الحرارة المرتفعة حيث استخلص''يتأثر النحل بصورة مباشرة بدرجات حرارة البيئة المحيطة، ويعتمد بصورة غير مباشرة على المناخ وإزهار النباتات''.
و بناءا على ذلك، من المهم أن نراقب سلوك أسراب النحل عاما بعد عام في بداية موسم الربيع. تلك هي الطريقة التي يمكن أن نعرف بها لاحقا مدى تأثر النحل بالتغير المناخي.
يركز هذا المشروع على عملية التطريد الطبيعي ، وهي وسيلة طبيعية لتكاثر طوائف نحل العسل. ومن أجل حدوث هذه العملية يتطلب أن يكون الطقس معتدلا حيث يغادر نحو 60 في المائة من النحل العامل خليته الأصلية مع الملكة القديمة و عادة ما تحدث في يوم دافئ ومشمس.
و يشير الباحث إلى أنه يتم استدعاء النحالين المختصين في أغلب الأوقات لإزالة الآلاف من النحل المتشبث بفروع الأشجار داخل ميونخ وحولها.
وأضاف: إذا لم يتم اصطياده (النحل) يغادر مكانه في غضون يوم يومين أو ثلاثة أيام. جمع المعلومات حول عملية التطريد ضروري للبحث الذي يجمع بياناته بمساعدة النحالين و مسؤولي الإطفاء المحليين ورجال الشرطة الذين يتلقون بصورة عامة بلاغات من المواطنين بشأن عمليات التطريد التي يقوم بها النحل في المنطقة.
يقوم الباحث بتسجيل البيانات الخاصة بموقع كل سرب و الذي يتم تحديده عن طريق نظام ''جي.بي.إس'' العالمي لتحديد المواقع، وبيانات الطقس المحيط به، بل أنشأ خدمة نصية على الإنترنت يسجل فيها المواطنون مواقع أسراب النحل التي تقوم بعمليات التطريد.
ويقول: كانت الاستجابة خلال فترة المعاينة جيدة للغاية. فقد تم تسجيل أكثر من ألف عملية تطريد خاصة في ولايات بافاريا وشمال الراين .........
كانت المعلومات التي تلقاها من المناطق الشرقية والساحلية في ألمانيا قليلة مقارنة بغيرها من المناطق في البلاد. و يوضح قائلا: كان من الصعب بصفة خاصة إبلاغ النحالين في المناطق الريفية بشأن هذا المشروع فالكثير من مربي النحل في هذه المناطق هم أشخاص متقاعدون تقل إمكانية ملاحظة عمليات تطريد النحل وتسجيلها في المناطق التي يقطنها عدد قليل من السكان.
رغم ذلك، يحتاج أي بحث ناجح إلى نتائج متماثلة من كافة أنحاء ألمانيا، إذ يوضح هذا العالم قائلا: الهدف الرئيسي للمشروع يكمن في تقديم وصف تفصيلي لسلوك النحل في عمليات التطريد مرتبطة بالتغير المناخي وبعد عدة أعوام، يمكن حينها تقييم شامل لتأثير التغير المناخي على سلوك النحل، أخذا في الاعتبار أنه لاحظ بالفعل علاقة قوية بين درجة الحرارة ونشاط التطريد. لكن الخبير يتوقع أن يغير هذا البحث المفهوم السائد حول سلوك النحل. أخيرا، ربط بين بحثه وبحث الخبير الأمريكي المتخصص في أبحاث النحل توماس سيلي، الذي شارك في سبعينات القرن العشرين في بحث مفصل حول تطريد النحل، غير أنه لم يتسن له الاستفادة من مزايا التكنولوجيا الحديثة.
و كخلاصة للبحث اتضح أن هناك علاقة قوية ومترابطة بين التغير المناخي و نشاط النحل وكمثال على ذلك خلال فصل الربيع في وضع الملكة للبيض بالتقليل أو التوقف نظرا لبرودة الطقس المتغيرة باستمرار –اضطراب المناخ- وهو ما تم ملاحظته خلال السنوات الأخيرة وكمثال ثاني لذلك ارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الربيع و في أواخره ينتج عنه فقدان الأزهار لرحيقها بشكل مبكر فيؤثر ذلك مباشرة على جيل النحل القادم بتناقصه وكذلك على سلوكها و نشاطها وبالتالي على إنتاج العسل والمنتجات الأخرى المرتبطة بتربية النحل.