مزارع تربية النحل في بابل .. واقع وطموح بحاجة إلى الاهتمام والرعاية

تقارير اقتصادية: مزارع تربية النحل في بابل .. واقع وطموح بحاجة إلى الاهتمام والرعاية


تحظى محافظة بابل بتنوع نباتي يمتد على مساحة واسعة من الاراضي ساعدها على تنمية مزارع تربية النحل وانتاج العسل بأنواعه حيث تشير احصائيات جمعية النحالين في المحافظة ان عدد النحالين بلغ اكثر من 500 نحال بزيادة عن العام الماضي بحدود 50 نحال وهو ما يدل على التوجه نحو هذه المهنة التي اصبحت تدر ربحا جيدا بعد تحسن المستوى المعاشي للمواطن والاقبال الكبير على عسل المحافظة الذي وصل الى دول مجاورة لجودته .
امتياز ومشاكل

هذا الامتياز جعلنا نقوم بزيارة عدد من مزارع تربية النحل في المحافظة والتحدث مع النحالين للتعرف عن قرب على ظروف هذه المهنة التي عدها البعض بالمهنة الجميلة والمتعبة في نفس الوقت . واول من التقيت بهم هو المهندس الزراعي نبيل محمد عبد الرضا رئيس جمعية النحالين في المحافظة الراعية لمشاريع تربية النحل وتدريب النحالين الجدد حيث قال: ان تاريخ تربية النحل في المحافظة يعود الى نهاية عقد الخمسينيات عندما جلب احد المزارعين خلية نحل من خارج البلاد فكانت حجر الاساس لتربية النحل في بابل بعدها تم الحاق تربية النحل بقسم الوقاية في مديرية زراعة بابل بعد استحداثه في منتصف السبعينيات وكانت منطقة مشروع المسيب ومنطقة الطهمازية في مركز مدينة الحلة الارض الاولى لتأسيس اول مزارع النحل في المحافظة .
- كم وصل عدد الذين يعملون في تربية النحل في المحافظة حاليا وعدد الخلايا فيها؟
نستطيع القول ان تربية النحل وجدت ظروفا ملائمة في محافظة بابل منها تنوع الغطاء النباتي ومناخ جيد ورغبة ملحة من المزارعين حتى وصل العدد الى اكثر من 500 نحال وهو في تزايد مستمر وقد وصل عدد خلايا النحل في المحافظة في آخر احصائية الى اكثر من 10الاف خلية . لكن تربية النحل في بابل مثل بقية المناطق الاخرى من العراق تعاني من ضعف البنية الصناعية لمستلزمات هذه المهنة حيث اكد رئيس جمعية النحالين في محافظة بابل انه لاتوجد معامل في العراق لتصنيع الاساسات الشمعية والصناديق كما لاتوجد مراكز بحثية لتطوير هذه المهنة حيث يشير الى استخدام اساليب قديمة في تربية النحل التي لم يطرأ عليها أي تغيير او تطوير .
بعد ذلك انتقلنا الى مزرعة النحال نبيل جاسم محمد الذي تطرق في بداية حديثه عن ذكريات هذه المهنة في المحافظة والتي يقول عنها: ان بدايات تصنيع الخلية كانت من سيقان الاشجار والقصب وتسمى بخلية البلدي لصناعتها من مواد اولية متوفرة وموجودة في المزرعة وهي اسطوانية الشكل مفتوحة من احد الطرفين وزعت على المزارعين كتجربة اولى لتشجيع المزارعين على تربية النحل لكنها لم تلاق قبولا من لدن معظم المزارعين لقلة الوعي والمعرفة في استخدامها لكن احد الخريجين من الطلبة وبعض المهندسين الزراعيين تلقفوا هذا النوع من الخلايا وطوروها فتم توسيع قاعدة تربية النحل في المحافظة على ايديهم وبهذا اثبت القطاع الخاص قدرته في دعم وتشجيع وتطوير هذه المهنة في المحافظة بعدما اقتصر دور زراعة بابل على منحل واحد في المحافظة اندثر بمرور الوقت لعدم تلقيه الدعم الكافي لاستمراره . واكد هذا المزارع في سياق حديثه ان تربية النحل وتطويرها ترتبط بتطوير الزراعة والتي تعاني حاليا من تدهور كبير .
ماهي مشاكل تربية النحل وانتاج العسل في محافظة بابل ؟
يمكن ان ابين جزء من مشاكل تربية النحل المتمثلة بعدم توفر مادة الشمع الجيدة حيث ان الموجود منها ذات نوعيات ردئية لا يتقبلها النحل وتفشي ظاهرة الغش في مادة الشمع حيث قام البعض بصناعة شمع مغشوش لايصلح لتربية النحل وادى الى خسائر جسيمة في مزارع النحل وصلت الى خسارة موسم كامل لانتاج العسل وكذلك الحال مع الادوية حيث لاتوجد ادوية خاصة بالنحل وقسم خاص لمعالجة النحل في بيطرة بابل والمشكلة في الادوية المغشوشة التي تصل للمربي والتي تقتل النحل كما ان عدم تعاون مديرية زراعة بابل في تحديد مواعيد مضبوطة لاجراء عمليات المكافحة ومنح وقت كاف للمربين لنقل خلاياهم من مكان المكافحة الى اماكن آمنة ادى غالبا الى فقدان اعداد من النحل جراء ذلك . واكد ان تزايد التلوث اثر بشكل مباشر وسلبي على حياة النحل وانتاج العسل حيث تشهد معظم مناطق محافظة بابل من ارتفاع في تلوث الهواء وخاصة في المناطق الزراعية التي من المفروض ان تكون مناطق نقية وذلك بسبب عمل كور الطابوق وهي معامل لصناعة الطابوق اتخذت من البساتين غطاء لها كونها غير شرعية تساعدها في ذلك كور الفحم مما ادى ذلك لتأثر مزارع النحل .

المرأة وتربية النحل
تشير احصائيات المحافظة ان المرأة البابلية اقتحمت عالم النحل واصبحت من المنافسين للرجل في هذه المهنة حيث وصل عدد النساء العاملات في هذه المهنة الى 50 امرأة أو أكثر .. وهذه المعلومات التي زودني بها رئيس جمعية النحالين جمعني بعدها بثلاث من النسوة اللواتي يعملن في هذا المجال وهن النحالة زينب عبد العباس التي قالت عن دورها في تربية النحل وانتاج العسل ان لديها مزرعة في منطقة المحاويل تضم 200 خلية نحل وهي من احدى العوائل المهجرة من منطقة اليوسفية واستقرت في المحاويل فأنشأت مزرعة لتربية النحل و اختيارها لهذه المنطقة قالت : لملائمتها من حيث الخضرة وتقول: انها تمتلك خبرة كافية جعلتها تنظم دورات تثقيفية وتدريبية لعدد من النساء الريفيات واستطاعت هذه النحالة من تقديم المشورة وتشجيع المرأة الريفية في عمل مزارع خاص بها وذلك للفوائد الاقتصادية والغذائية التي سوف تجنيها من هذه المهنة . اما النحالة ظهيرة سلمان دحام فتقول هي الاخرى انها تمتلك حاليا 50 خلية نحل وانها من عائلة امتهنت هذه المهنة وتعلمت منها واكدت ان تربية النحل بحاجة الى صبر وقوة تحمل فهي حسب تعبيرها تستحق العناء وتساعد على توسيع العلاقات الاجتماعية وقالت انها استطاعت من توزيع عدد من الخلايا على النساء اللواتي اشتركن في دورات تدريبية اقامتها بالتعاون مع احدى منظمات المجتمع المدني . اما النحالة نور الهدى ثائر مهدي فهي احبت تربية النحل وهي طالبة في كلية الزراعة في جامعة بابل استطاعت من تكوين خلية خاصة بها في حديقة المنزل ومازالت تتدرب على العمل في مجال النحل والعسل وتجد فيها رغبة عارمة لتكون احدى النساء المتميزات في هذا المجال حيث تحتل موقعا في جمعية النحالين البابليين لكونها عضوة ناشطة وتحضر الدورات التي تقيمها الجمعية وقد انتخبت لتكون نائبة عن النساء في الجمعية المذكورة .
وقبل ان اودع عالم النحل التقيت النحال المخضرم محسن شبيب حسن الذي كشف حقائق عن العسل فقال ان بعض العسل الموجود في اسواقنا هو عسل صناعي عبارة عن خليط مغشوش يأتي من مصادر خارجية مختلفة تضاف عليه مواد كثيرة لمنح العسل شكله وصفته المعروف بها لكن العسل الطبيعي الخالي من الشوائب يأتي من مصادره الحقيقية والطبيعية من المزارع حيث يقوم النحال بفرزه وتركه لايام لانضاجه ولتقليل نسبة الرطوبة التي تؤثر على جودة العسل . واكد هذا النحال ان عسل المحافظة وصل الى دول الجوار وزاد الطلب عليه لجودته .

جريدة الاتحاد عماد الزاملي