أسراب لا تعد ولا تحصى من النحل المهاجر تستوطن غابات ومزارع ومنازل المواطنين بجازان والعسل في كل مكان

أسراب لا تعد ولا تحصى من النحل المهاجر تستوطن غابات ومزارع ومنازل المواطنين بجازان والعسل في كل مكان


لا يحتاج المرء في جازان [ جنوب غرب السعودية ] ممن يبحثون عن العسل الصافي النقي في هذه الأيام لدفع ريال واحد من جيبه أو حاجته لخبير كي يختبر له مدى نقاوة العسل الذي دفع فيه مبلغاً باهضاً للحصول عليه .

وسواء كنت من أبناء المنطقة أو من زوارها ومن محبين العسل سواء للتداوي أو غذاء دائم على صفرة طعامكم ، فما عليك سوى الذهاب لأي موقع تكثر به الأشجار في غابات جازان أو على ضفاف أوديتها المعروفة ، للتنزه والاستمتاع بالمناظر الخلابة بعد هطول الأمطار وجريان تلك الأودية وإخضرارها ، ولن تعود خالي الوفاض من عسل تقطفه أنت بيدك وتحدد حتى نوعه من خلال الشجرة التي تسكنها خلية النحل .

فإن كنت ترغب في عسل السدرة فعليك بالذهاب للمواقع التي تتواجد بها شجرة السدر [ العرج وجمعها عروج ] وإن كنت من محبي عسل الشوكة [ السلام ] فعليك مقصدك غابات السلام المنتشرة بجازان بكثرة ، كما يمكنكم الحصول على نوع أخر من أنواع العسل لم تسمعوا به من قبل أو تتذوقوه وهو عسل الأراك [ الشجرة التي يقتطع منها المسواك ] ولها ثمرةُ يطلق عليها أسم [ كباث أو الكباث ] وهي ثمرة تؤكل وذات طعم لاذع ولها فوائد علمية جمة ، وسعر الكيلوجرام من هذه الثمرة قد يصل لمئة ريال [100 ريال ] ويُباع على الطرقات من متخلفين عرب أمتهنوا هذه التجارة ويجنون منها أرباح طائلة .

عسل الكباث يختلف بمرارته فبالإضافة لمذاقة الطيب الحلو إلى حد ما إلا أن تلك الحلاوة مصحوبة بمرارة نسبية في نهاية مذاقة !!

يقول أحد خبراء تربية النحل من جنسية عربية وعمل في الكثير من المناحل في منطقة جازان متحدثاً لـ" جازان نيوز" أن أجود العسل وأنقاه والخالي تماماً من الشوائب هو ما ينتجه هذا النوع من النحل المهاجر ، فالنحل [ لا زال الحديث للخبير ] لا يغش في العسل وحتى عندما يجبرونه النحالون على ذلك بوضع السكر أو التنقل به من موقع لأخر ، فإن حشرة النحل تجزئ قرص الشمع وتضع في كل جزء من منه نوعية على حدة فتجد في القرص مثلاً ، عسل السدرة في جزء خاص وأدناه أو يعلوه جزء خاص بالعسل المختلط من أزهار المزارع ، وفي جزء ثالث العسل المستخلص من شجرة السلام وهكذا ، فالنحل لا يغش ولكن النحالون هم من يغشوّن حين يخلطون محتويات قرص الشمع بعصره وبيعه على أنه عسل سدرة أو شوكة بحسب الطلب بحثاً منهم عن الربح الوفير ، ومن النادر أن تجد نحال يحرص على الصدق في هذه التجارة التي يطلبها كل شخص سواء للعلاج أو للغذاء .

ويضيف الخبير .. يتميز النحل المهاجر عن المستوطن بصغر حجمه ، فحجمه أكبر قليلاً من الذباب وأصغر في حجمه من النوع المستوطن ، وقد ظهر بالمنطقة قبل سنتين ، وحاول النحالون توطينه كغيره من النحل المربى بمزارع النحل ولكن باءت كل محاولاتهم بالفشل ، فحين نقوم بسجن "الملكة " لهذه الأسراب من النحل لا يتبعها بقية أفراد الخلية بأي حال من الأحوال ، وحتى لو قمنا بجمعهم حولها ، يذهبون عن الملكة متى لاحت الفرصة لذلك .

وقد أكد لــ" جازان نيوز " ذلك أشهر تجار العسل بمنطقة جازان الشريف : حسن بن محمد الهاشمي وأضاف موصياً كل من يعثر على هذا النوع من النحل أن لا يحاول توطينه بأي حال من الأحوال ، بل الأفضل له قطع قرص العسل وترك النحل في مكانه ، ويتابعه بعد ذلك ففي حال توفر الظروف في المكان فإن النحل سيبقى ويعيد بناء أقراص جديدة ولن يهاجر إلا إذا تعرض للعنف أو تغيرت الظروف البيئة حوله .

أحد القريبين من مربي النحل ـ مربي سابق ـ ( طلب عدم ذكر اسمه ) كشف لجازان نيوز عن حالة الإمتعاض التي يعيشها مُربي النحل وتجار العسل من هذه الأسراب المهاجرة التي تتكاثر عاما بعد عام وبشكل عجيب ، خشيتهم من كساد تجارتهم وذهاب الناس للبحث عن عسل هذا النوع من النحل عالي الجودة وعديم التكلفة ، فنشروا كثير من الشائعات حوله بغية صرف الناس عن تناوله وإقتناءه ، بل أن البعض منهم أستخدم المبيدات للقضاء على أسرابه أينما وجدها !!

وقفنا قرصان العيش و ننتضر قرصان العسل !!

الأستاذ : حسن بن يحيى الحازمي وكيل مدرسة الملك فيصل بضمد ذكر لجازان نيوز ، أن زواره من هذا النوع من النحل قد أختاروا الإقامة في تنور العيش ، ومن باب ـ إكرام الضيف إعطاءه هواه ـ فقد أوقفنا العمل بالتنور ومكتفين بالمدد من قرصان العيش من قبل الجيران ، وننتظر بشغف ظهور قرصان العسل ، وما لاحظناه هو تنامي أعداد النحل وتزايد أعدادها بصورة متسارعة ، ونظن أن في التنور الذي لم نحاول فتحه حتى لا نزعج ضيوفنا الكرام ، قرصان لكن من عسل مصفى والمسألة تحتاج لوقت حيث لم يمضي على إقامتهم سوى 20 يوم فقط .


وتعود قصة النحل المهاجر إلى العام 1430هـ حين ظهر كأول مرة بشكل لافت إلا أنه في هذا العام أجتاح كل جزء في منطقة جازان بشكل عجيب فلا تكاد مزرعة أو غابة أو أبنية مهجورة أو مسكونة تخلو من تواجده ، وحتى في حدائق البلديات والأشجار المتناثرة على الشوارع والأزقة ستجدونه .

وللإحاطة : لستم بحاجة لخبراء للحصول على قرص العسل فهذا النوع من النحل وديع مالم يستثار ، فما عليكم سواء إحراق ورقة وإطفاءها أمام الخلية وترك دخانها قريباً من الخلية ، وسيبدأ النحل بالإبتعاد عن القرص أو الجزء الذي تنوي قصه ، وبإمكانكم بعد هذه العملية ـ التخدين ـ دفع النحل بحرص وهدوء بعيداً عن القرص بأي أداة ولن يلحق بكم الضرر .

جازان نيوز قامت بجولة بحث في محافظة ضمد [ 45كلم شمال شرق جيزان ] لم تأخذ من وقتنا الكثير والمحصول يبينه حديث الصور .

المشهد بعدسة "جازان نيوز" تصوير : عبدالوهاب عريشي