خبير تربية: ١٠ ملايين دولار صادرات مصر سنوياًً

خبير تربية: ١٠ ملايين دولار صادرات مصر سنوياًً


قال المهندس محمد هجرس، مهندس بترول من المنوفية، الخبير فى تربية النحل، إن أباه رباه على أعمال النحلة منذ أن كان طفلا فى عمر السادسة، حتى التحاقه بكلية هندسة البترول، ولم تشغله الدراسة عن مواصلة هذه الأعمال، التى ارتبط بها أسريا، وحققت له الإحساس بقيمة الذات، خاصة أن النحل من المجموعات الأكثر تنظيما وتحظى بالتأمل لمن يدرك عالم النحل. وأضاف هجرس، فى حواره مع «المصرى اليوم»، أن صادرات مصر من العسل تبلغ ١٠ ملايين دولار سنوياً، إذ تبيع بسعر ٣٥ دولاراً فقط للطرد بسبب قلة جودته مقابل ١٣٠ دولاراً للأرجنتينى، مؤكداً أن هناك شركات عالمية منعت استيراد العسل المصرى بسبب المضادات المسرطنة، و«المواصفات القياسية» تسمح بالغش، مشيراً إلى أن الصناعة تواجه ١١ تحدياً، مطالباً بتعديل قانون منع استيراد الملكات، واستنباط وتهجين سلالات جديدة، وإلى نص الحوار:

■ فى البداية هل تستهوى تربية النحل القرويين؟

- عدد كبير من القرويين اتخذ من «النحالة» مهنة، جذبت الكثيرين، منهم مثل قرية شبشير الحصة التابعة لمركز المحلة فى الغربية، وقرية البتانون بمركز شبين الكوم، وقرية عرب الرمل بمركز قويسنا فى المنوفية، ومنفلوط بأسيوط، وبنى مزار بالمنيا.

■ ما الوضع الحالى لتربية النحل فى مصر؟

- ينتج النحل ٦ منتجات رئيسية ( العسل / حبوب اللقاح / الشمع / سم النحل / غذاء الملكات / البروبوليس)، بالإضافة لإنتاج النحل نفسه فيكون المنتج السابع وهو الأهم بالنسبة للاستثمار فى مجال تربية النحل بمصر، وصادرات مصر تصل إلى حوالى ٢٥٠ ألف طرد نحل مرزوم بالكيلو للسعودية وحوالى ١٦ ألف طرد بالإطارات للإمارات ومثلها للكويت، بالإضافة لكميات بسيطة للأردن والعراق ولبنان وليبيا، ويتم التصدير لهذه الأسواق بأسعار زهيدة لا تتعدى ٣٥ دولارا للطرد المرزوم، أى نحو ١٠ ملايين دولار، بينما تتراوح الأسعار العالمية لنفس الطرود بين ١٠٠ و١٣٠ دولار بسبب انخفاض جودة الطرود المصرية مقارنة بالطرود الأسترالية أو الأرجنتينية، رغم وجود عدد خلايا كبير وتاريخ كبير للنحالة المصريين يبدأ منذ ٧ آلاف سنة على ضفاف النيل ووجود غطاء نباتى على مدار العام، فمصر هى الدولة الوحيدة القادرة على إنتاج النحل والملكات طوال العام وتميزها بسهولة التنقل بالنحل تجعل كل هذه المقومات من مصر دولة مؤهلة لتكون محطة عالمية للنحالة العالمية، وعند تسويق قطاع تربية النحل فى مصر عالميا سيكون مجالا استثماريا جيدا يضخ الملايين من الدولارات ويوفر العديد من فرص العمل للشباب المصرى.

■ وماذا عن مشاكل التصدير؟

- مشاكل تصدير العسل إلى الخارج تأتى بسبب عدم السعى إلى فتح أسواق عالمية جديدة للنحل المصرى والاعتماد فقط على التصدير للخليج بأسعار منخفضة، كما أن ضعف جودة طرود النحل المصرى جعلها غير قادرة على المنافسة عالميا ومعتمدة فقط على التصدير للخليج وبأسعار ضعيفة عالميا ويجب تبنى برامج حقيقية تهدف لرفع جودة المنتجات النحلية المصرية حتى نقدر على تسويقها عالميا بأسعار مرتفعة.

■ ما التحديات التى تواجه صناعة النحل فى مصر؟

- تربية النحل تواجه ١١ تحديا تؤثر على مستقبل القطاع، رغم الميزة النسبية فى الإنتاج التى تمتلكها مصر، ومن هذه المشكلات عدم توافر ملكات من سلالات جيدة ومنتجة، أو العلاجات الأصلية لأمراض النحل المختلفة، فضلا عن عدم توافر برامج لتدريب واعتماد النحالين العاملين فى مجال تربية النحل، وضعف المواصفات المصرية للعسل وعدم وجود مواصفات الطرود ومنتجات النحل الأخرى، وعدم وجود نظام لتسجيل الخلايا ومتابعتها والتفتيش عليها من قبل وزارة الزراعة، بالإضافة إلى عدم تفعيل قانون الحجر الصحى ورقابة الصادرات المصرية من طرود وعسل، كما تعانى صناعة النحل من عدم وجود دعم صادرات وعدم تعاون شركات الطيران الوطنية بتخصيص طائرات للشحن من المطارات الإقليمية، وعدم توافر برامج تمويل للنحالين لتحديث معداتهم وخلاياهم وتوسيع أنشطتهم.

■ وماذا عن قطاع التربية؟

- مشاكل قطاع تربية النحل المصرى تشمل عدم توافر ملكات من سلالات جيدة ومنتجة، خاصة أن «الملكة» هى أساس وعصب خلية النحل وهى رأس مال النحال، فوراء كل خلية قوية ومنتجة ملكة قوية وجيدة يجنى منها النحال الكثير من الدولارات ولذلك أنفقت الدول الملايين من الدولارات من أجل تطوير وإنتاج ملكات من سلالات جيدة ومختبرة، فضلا عن أن الدول الكبرى فى تربية النحل مثل أستراليا والصين والأرجنتين وكندا وأمريكا لم تعتمد على سلالاتها المحلية لكن تبنت برامج كبيرة ومخططة لإدخال سلالات قياسية من النحل الأوروبى (الإيطالى /الكرنيولى / القوقازى) من خلال العمل عليها وتطويرها وتهجينها مع سلالاتها المحلية فى كل دولة وتم إنتاج واستنباط سلالات جديدة وجنى منها الملايين من الأموال فى تصدير النحل والعسل ومنتجات النحل.

■ وما حقيقة الدور الإسرائيلى فى تدهور تربية النحل فى مصر؟

- قطاع تربية النحل بمصر يعانى منذ دخول طفيل الفاروا إلى مصر عام ١٩٨٩ متسللا عبر الحدود من إسرائيل وعلى الرغم من وجود قانون لمنع استيراد النحل وملكات النحل وجميع منتجات النحل منذ عام ١٩٦٢ للحفاظ على النحل المصرى إلا أن هذا القرار يصنفه الخبراء بأنه السبب الرئيسى الذى أدى لتدهور تربية النحل فى مصر، لأن هذا القرار كان يجب أن يرتبط ببرنامج قومى قوى للحفاظ على النحل المصرى وتهجينه مع إحدى السلالات القياسية العالمية ومع امتلاكنا لمنطقة معزولة للحفاظ على النحل المصرى بواحة سيوة إلا أنها مع الإهمال اندثرت هذه السلالة.

■ وما دور ملكات النحل المستوردة من يوغوسلافيا فى تطوير إنتاج النحل؟

- تم استيراد ملكات كرنيولى نقية من يوغوسلافيا فى الستينيات وتم تهجينها مع النحل المصرى وإنتاج سلالة نحل الوادى الجديد، وأخذت سنوات كانت جيدة ثم تدهورت المحطة الآن بالوادى الجديد بسبب غياب دور وزارة الزراعة، ولحل هذه المشكلات يجب أن تتبنى وزارة الزراعة برامج استنباط وتهجين سلالات جديدة منتجة وتوزيعها على النحالين بالتعاون مع جهات حكومية بألمانيا أو الدنمارك، أكبر الدول فى إنتاج السلالات الجديدة، وعلم الوراثة للنحل، وتفعيل دور المناطق المعزولة وإعادة هيكلتها لتؤدى الدور المنوط منها من إمداد النحالين بملكات مختبرة ومتحكم فى تلقيحها وممكن أن يتم تطوير هذه المحطات لتعمل فى التصدير.

■ وماهو الحل لتطوير إنتاج ملكات النحل؟

- أسعار الملكات الملقحة فى جزر أو مناطق معزولة يفوق الملكات الملقحة فى أماكن مفتوحة بعشرة أضعاف السعر، ويجب استثمار هذه المناطق فى مد السوق بملكات وأيضا التخطيط للتصدير منها، وأن يتم تعديل قانون منع استيراد الملكات وصياغة قانون جديد يقنن من استيرادها ويكون تحت رقابة واعتماد وزارة الزراعة من موردين معتمدين بعد زيارتهم واعتمادهم من قبل وزارة الزراعة.

■ وماذا عن دور القانون فى حل المشاكل التى تواجه الصناعة؟

- يجب العمل على صياغة قانون يحد من عشوائية إنشاء محطات لتربية الملكات وأن يحدد القانون الشروط اللازمة لإصدار تراخيص لمحطة لتربية الملكات لأن الملكات أخطر شىء فى منظومة النحل ويضع العقوبات الرادعة على من ينشئ محطة بدون ترخيص لأن إنتاج ملكات رديئة بعشوائية يدمر هذه الثروة القومية، وأهمية فتح نظام تشغيل محطات ومناطق منعزلة من قبل القطاع الخاص بنظام POP والسماح للشركات العالمية ومحطات إنتاج الملكات العالمية بالاستثمار بمصر لأن السوق واعدة وتسمح بذلك، وعمل مشروع قومى كبير بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحوث والقطاع الخاص لاستنباط وانتخاب سلالات جديدة.

■ وماذا عن المخاطر التى تواجه عمل النحلة فى مصر؟

- من أخطر المشاكل التى تواجه النحال المصرى، عدم توافر العلاجات الأصلية العالمية للأمراض التى تواجة قطاع تربية النحل مثل الفاروا وأمراض الحضنة المختلفة وهو ما يفتح الباب لمافيا الأدوية المغشوشة والمحلية والمهربة والتى يوجد منها ما هو ممنوع دوليا فى الاستخدام فى تربية النحل لما له من أضرار جسيمة على النحال والنحل وأيضا منتجات النحل المختلفة وأيضا عدم توفر العلاج للنحال وعدم توفر جهة للتوجيه يحول خلية النحل لحقل تجارب، وأنه بدون وعى نجد النحال يضع مركبات خطيرة ومضادات حيوية ومواد مسرطنة فى غياب الجهات الرقابية ومن أمثلة هذه المواد مستحضر الميتاك لمكافحة الفاروا ومركبات السلفا لمكافحة أمراض الحضنة ومركبات الكلورموفالين المحرمة دوليا وهذا ينعكس على صحة المصريين وأيضا أدى إلى وضع مصر على القائمة السوداء للكثير من الدول والشركات الغذائية الكبرى عالميا التى تمنع استيراد العسل المصرى.

■ هل ترى أن تربية النحل «منظمة» فى مصر؟

- بالتأكيد لا، لأن العشوائية فى التربية أدت لتحول هذا المنتج من شراب «فيه شفاء للناس» إلى شراب به سم خطير، والتخلص منها يتم من خلال إنشاء وحدات لنحل العسل بكل مديرية زراعة أو مديرية طب بيطرى بكل محافظة تتولى توفير وبيع الأدوية للنحالين المسجلين فى قوائمها المعتمدة والتى يقوم المهندسون الزراعيون والأطباء البيطريون بالتفتيش عليها، وللعلم النحل فى كل دول العالم يتبع الطب البيطرى لكن بمصر يتبع وقاية النبات وهذا خطأ كبير يمكن تداركه، خصوصا أنه يوجد الآلاف من الأطباء البيطريين العاطلين عن العمل، ويجب وضع خطة لإعادة تدريبه داخليا وخارجيا حتى يتم اعتمادهم كأطباء للنحل يقومون بالتفتيش وفحص الخلايا وتشخيص الأمراض وتحديد الأدوية اللازمة، فالنحل ليس أهم من الدواجن ولا المواشى فالنحل عصب الزراعة ولب التغذية فبدون النحل لا توجد حياة.

■ وماذا عن أنظمة تسجيل الخلايا؟

- لا يوجد نظام لتسجيل الخلايا ومتابعتها والتفتيش عليها من قبل وزارة الزراعة، رغم أنه يجب أن يتوفر نظام كامل بقانون لتربية النحل لفائدة هذه الحشرة للزراعة وللحياة. يقوم هذا القانون بتنظيم عملية إنشاء المناحل والتفتيش عليها وأخذ عينات من منتجاتها وأيضا التفتيش على الأمراض وإعطاء النحال شهادات دورية بذلك ولا يمكن أن يقوم النحال بأى نشاط من بيع وشراء وتصدير بدون هذه الشهادات لأن توفر هذا النظام الرقابى سوف يسمح لنا بفتح أسواق جديدة عالمية أمام منتجات النحل المصرى وأى خطأ من النحال فى استخدام مبيدات محرمة أو التغذية بمواد مضرة بالصحة أو استخدام معدات نحلية غير متوافقة بيئا وصحيا مع الاشتراطات العالمية يتم إيقاف رخصة هذا النحال الذى أخطأ وحرمانه من مزاولة أى نشاط تجارى من إنتاج أو بيع أو تصدير منتجات النحل أو الاستفادة من خدمات وزارة الزراعة من تدريب وتوفير أدوية.

■ وماذا عن دور الحجر الزراعى؟

- قطاع تربية النحل يعانى من عدم تفعيل قانون الحجر الصحى ورقابة الصادرات المصرية من طرود وعسل، فهناك العديد من المشاكل التى تواجه تصدير النحل، منها أنه لابد من الحصول على شهادة صحية بخلو النحل من الأمراض حيث يقوم قسم بحوث النحل بالدقى بإعطاء هذه الشهادات دون فحص الطرود، وفى بعض الأحيان يتم إعطاء شهادات صحية لأباطرة التصدير ومكاتب الشحن مختومة على بياض، وهو ما فتح الباب أمام ضعفاء الضمير للغش والعبث فى المواصفات مما يؤدى إلى إساءة سمعة النحل المصرى بالخليج.

متولى سالم ٣/ ١٠/ ٢٠١٥ المصري اليوم
https://www.facebook.com/groups/apiculteur/