رحلة مع نحال فلسطيني في ظل الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة

رحلة مع نحال فلسطيني في ظل الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة

غزة – كتب سلطان ناصر| لم يبقي شيء في قطاع غزة إلا وأثر الحصار الاسرائيلي عليه تأثيراً سلبياً, وجاءت الحرب الأخيرة وأجهزت على ما تبقى , لكن من يتمتع بحرية وهو محاصر, وهدم بيته أيضا وفقد عدد كبير من أفراد عائلته, هو موجود وينتج عسل..

نهاد أبو شماله من سكان شمال القطاع يقول لمراسل “وكالة قدس نت للأنباء” سلطان جحا ” كنت أعمل مثلى مثل أي عامل فلسطينيي في إسرائيل وكل يوم أعمل بمكان يختلف عن الأخر, حتى عملت في أحدى مناحل النحل كمربى للنحل, في البداية كان الأمر صعب نوعا ما لأني لا أعمل في هذا المجال وخاصة أنه خطير بمعنى قد تتعرض ” لقرص من النحل ” وكانت هذه المهنة بالنسبة لي مثل أي عمل ولم أعتقد أني سوف أستمر بها, وأكون في يوم من الأيام صاحب منحلة “.

وتابع نهاد ” بعد أن منعت من دخول إسرائيل فكرت بإقامة مشروع منحلة وأن أعمل بها, وعلى الفور اشتريت جزء من النحل من احد التجار بغزة وجزء أخر من إسرائيل, وبدأت المشروع بما يقارب 80 خلية نحل وكان المشروع عائلي, وأخذ بالتطور حتى وصل عدد الخلايا قبل الحرب الأخيرة على قطاع غزة إلي 600 خلية فقدنا خلال الحرب 190 منها ” .

مربي النحل خلال العام..
ويشير نهاد إلي أن العمل الذي يقوم به كمربي لنحل ليس بالهين, وهناك الكثير من الوظائف منها أخذ العسل من خلية النحل, حيث أبدأ في اختيار الحشد من النحل النشيط والذي أبدى مقاومة ضد الأمراض وأقوم بتحديد المكان الذي نضع فيه خلايا النحل.

وأوضح نهاد أن العديد من العوامل البيئية تؤثر على حسن نمو الخلية، لذا يجب أن أجد المكان المناسب لازدهار النحل وأن أكون يقظا في صيانة الخلية بعد إنشائها.

يقول نهاد ” أربع فصول أعيشها مع نحلى فبعد خروج فصل الشتاء أبدأ في تفقد خلايا النحل, وأتأكد على سلامة الملكة وأن لها خلية قوية تكفي لإنتاج العسل, كما أنه الوقت للبدء في معالجة النحل بالدواء وحمايتها من الأمراض التي غالبا ما تدمر الخلية, وعليا أن أكون حذراً وأن أوقف هذا الدواء قبل منتصف شهر يونيو، بحيث لا يسمح للعسل الذي سيتم حصاده أن يكون ملوثا.

وصف نهاد موسم الصيف بالفصل المتعب بشدة لأنه وقت جني العسل, قائلاً ” في شهر يوليو عليا أن أضع المزيد من السوبر ( الإطارات التي ستسحب ) على صندوق النحل وإلا فإن الخلية ستوقف إنتاج العسل, وتابع نهاد ” عليا خلال هذا الفصل مراقبة الخلايا وإزالة السوبر التي ملئت, وأستخدم لإزالة السوبر من الخلايا “التدخين”, من خلال استخدام مدخنة، والتي تدفع سحابة من الدخان إلي خلية النحل لإرباكها وجعلها غير قادرة على الهجوم “.

وأشار نهاد ” أقوم في هذا الوقت، بفتح الخلية ورفع السوبر المملوء, عند إزالة الأطر من السوبر توضع في آلة خاصة لاستخراج العسل “.

وبين نهاد أنه مع دخول فصل الخريف تقل أشغالة كمربي للنحل, لان النحل في هذه المرحلة يكون أنتج العسل, وهنا يتطلب منه أن يقدم للنحل ما يكفي من السكر أو ما تبقى من العسل لمساعدتها على البقاء مؤكداً أن العسل هو مصدر الغذاء لديهم وبدونه تموت الخلية, إذا كان النحال غير يقظا ولا يغذي الخلية بكفاية، ولا يترك شيء من العسل لهم، فبالتأكيد سوف يجد الخلية قد ذهبت عند قدوم فصل الربيع.

وأكد نهاد أن فصل الشتاء فصل خطير على النحال, حيث أن النحل مخلوقات ضعيفة، لذلك يجب على المربي أن يعمل على سلامة الخلايا, وهذا يتطلب أن تكون الخلايا على درجة من الحرارة تقارب 50 درجة مئوية مع وجود تهوية, ويمكن أن يضع على الصندوق عازل حراري لحماية الخلية من البرد القارص, وإذا فشل النحال في حماية الخلايا، فسوف يضيع النحل ويضطر المربي إلى شراء نحل جديد في فصل الربيع .

الاحتلال يلاحق النحل..
على الرغم من تلك الرحلة الطويلة التي يسافر بها مربى النحل مع نحله, ليحصل على ما يساعده على الحياة, إلا أن إسرائيل تسعى لتدمير الاقتصاد المحلى للشعب الفلسطيني من خلال تدميرها للبنية التحتية, ليجد النحال (مربى النحل) بيته مدمر وبيوت نحله.

يوسف أبو شماله يروى عدد مرات تدمير المناحل التابعة لهم فيقول ” الاحتلال الإسرائيلي لا يفرق بين بيت النحل وبيت السكان فقد دمر لنا في عام 2002 ما يقارب عن 280 خلية بمنطقة جباليا البلد, وفى عام 2004 دمر 80 خلية بمنطقة جبل الكاشف, وفى عام 2007 دمر 150خلية خلف منطقة التربية والتعليم بعزبة بيت حانون, في الحرب الأخيرة على القطاع دمر 200 خلية في حي السلام “, مؤكداً أنه لا يوجد اهتمام من أي جهة في موضوع مساعدة أصحاب المناحل وتعويضهم, حتى يتمكنوا من الاستمرار بالعمل وإنتاج العسل.

ومن جانبه أكد المهندس الزراعي حسن أبو وردة ” أن هناك العديد من المخاطر التي تهدد بقاء المناحل من بينها السياسة الإسرائيلية من خلال تجريف الأراضي الزراعة وخاصة الحمضيات التي يعتمد عليها النحل كمصدر أساسي لجلب الرحيق, وإما المصدر الثاني من مصدر النحل لجمع الرحيق فهو معدم نهائي بسبب تجريف الأراضي المزرعة بشجر الكينيا.

وأشار أبو وردة إلى أن عدم وجود اهتمام من أي جهة سواء كانت حكومية أو غير حكومية, بتقديم خدمات الرعاية والإشادات والمعلومات لمربى النحل مما يؤدي لتهدد بقاءه , مضيفاً” إن عدم وجود مختبرات لفحص أمراض النحل يشكل خطير كبير على المناحل, وخاصة بظل الحصار وإغلاق المعابر مما يودى لعدم دخول العلاجات اللازمة, حيث يعنى ذلك هلاك مزارع النحل “.

وتابع أبو وردة ” إن من المخاطر التي تهدد بقاء مزارع النحل عدم وجود مصانع للشمع الأساسي الذي يستخدم في صناعة العسل مما يدفعنا لاستيراده أما من مصر أو إسرائيل “, لافتاً إلى أن ارتفاع سعر الأغذية البديلة ” السكر” يؤدى لنقص العملية الإنتاجية لمحصول العسل.

وأوضح أبو وردة أن مشكلة عدم وجودة أصناف جديدة من النحل يدفع أصحاب المناحل لإستخدام طريقة التكاثر الصناعي التي تؤدي لزيادة التكاليف على أصحاب المزارع, مضيفاً أن هذه العملية تحتاج إلي العديد من الأدوات التي يفتقدها أصحاب المناحل نتيجة الحصار الإسرائيلي.

إذا كانت هذه النحلات الصغيرات التي تنتح عسل, تحتاج لكل هذه الإمكانيات لكي تبقى, فما بالك بمليون ونصف المليون من البشر المحاصرين بقطاع غزة , ولا يمارسون الطياران مثل النحل .

نشر هذا التقرير على وكالة قدس نت للأنباء

https://www.facebook.com/groups/apiculteur/