تأثير رائحة الخوف في ملكة نحل العسل

تاثير رائحة الخوف في ملكة نحل العسل
للكاتب لقمان ابراهيم القزاز عن كتاب مع النحل في خلاياها – الطبعة الاولى – 2014
فتح الخلية وفحص الطائفة يزعجان النحل والمعروف ان التدخين يقلل من مظاهر الازعاج حيث يظن ان الدخان يعطل المستقبلات الحسيه في قرون الاستشعار ويمنع ان يصل اليها فرمون التحذير والانذار فيؤدي الى تهدئتها ولكن الشائع ان التدخين يدفع الشغالات الى التهام كميات كبيره من العسل بدافع احتراق الخلية ولبناء سكن جديد فتثقل بطونها وتتراجع عن مهاجمة النحال 0 قد يقف احد العاملين وراء تهدئة النحل او قد يشترك الاثنان معا , هذا ينطبق على عموم الشغالات ولكن لا تتأثر به الملكة بالكيفية نفسها 0
عند العثور على الملكة بعد تدخين الخلية وفتحها تكون في احدى حالتين : هادئة او خائفة, وفي الحالة الاولى تتحرك بهدوء وتمارس نشاطها برصانة , وحولها الوصائف من الشغالات تتناول منها الروائح الملكية وتحيطها بالعناية والرعاية , هذا ما تتميز به اغلب الملكات في وضعها الطبيعي 0000 وفي الحالة الثانية هي مضطربة وخائفة لاتستقر في مكان واحدة , وقد لايعثر عليها طوال فترة الفحص , قد يكون التدخين وراء اضطرابها , او الحركة او الضوء , ذلك ما يحدث مع فئة قليلة من الملكات , على الرغم من هدوء النحال وحرصه على تجنب ما يزعج الطائفة 0
بتفاوت الشعور بالخوف عند الملكة بين المعتدل والمفرط 000 في حالة الخوف المعتدل , تتخلى الملكة عن عملها وتتحرك عشوائيا في عدة اتجاهات , وقد تتدلى من مؤخرتها بيضة فرزتها , تتخفى بين الاطر في المجاميع المزدحمة , وتتهرب بين جدران الخلية وقاعدتها , تبتعد عن مواضع الحركة جراء الفحص , ثم يزول عنها الاضطراب شيئا فشيئا مع الوصول بالفحص الى نهايته وتنتهي العملية بسلام 0
في حالة الخوف المفرط يتكرر المشهد نفسه مع شدة اضطراب الملكة , وفرز رائحة غريبة - شبيهة برائحة هرمون الادرينالين التي يفرزها جسم الانسان لاشعوريا عندما يتملكه الخوف من نحله تلاحقه او حيوان يهاجمه – فتمسك الشغالات القريبة منها بارجلها واجنحتها فور ادراكها تلك الرائحة الغريبه , تمنعها من الحركه وتشرع بالتكتل عليها , فاذا عجزت عن الافلات من مهاجماتها تقتل مثل اي نحلة غريبة وهنا يجب على النحال اذا عثر عليها قبل ان يتم قتلها ان يسرع باخذ كرة النحل بيده ويلقيها في اقرب حوض ماء , فتتفرق النحل عنها , فيعيدها الى خليتها بقفص ملكات , وعليه ان لايتدخل في اطلاق سراحها بل يترك قرض الورق اللآصق واخراجها للشغالات 0 اما اذا قتلت , وبعد زوال رائحة الخوف منها , تتجمع حولها الشغالات في مشهد حزين , تلعق ماتجد على جسمها من روائح ملكيه كما لو كانت تةدعها الوداع الاخير , ثم تلقي بها خارج الخليه 0 والملكه التي يسعفها الهرب قبل ان يحاط بها تلوذ بالفرار ,توغل في الجو ام تنتقل بين الاغصان ثم تستقر على غصن قريب 0 وبعد مضي قرابة (20) دقيقه يهدأ أثنائها روعها وتزول عنها رائحة الخوف , ترجع الى خليتها , تدخلها بروائحها الملكيه وتواصل نشاطها المعتاد بشكل طبيعي ومن المهم جدا ان لايحاول النحال ادخالها بنفسه , وأن لايعيد فتح الخليه الا بعد مرور عشرة ايام او اكثر , وان يتوخى الحذر وتام الهدوء كلما يقوم بفحص تلك الطائفة لئلا يتكرر مافات 0
يتعرف افراد الطائفه الى بعضهم البعض ب (رائحة الطائفة) المتداوله بينهم 0 ويعد ظهور رائحة غريبه غير مستفزه في الخليه أمر مقبول , على سبيل المثال اذا جمعت نحل سارحه حبوب لقاح من زهرة تفتحت حديثا ودخلت بها خليتها وجسمها مغطى بالرائحة الغريبة , ترحب بها الشغالات , ثم تنطلق جمهرة منها لجمع المزيد , ولكن ظهور رائحه غريبه مستفزه في الخليه يجعل من حاملها هدفا للقتل , كما لو كان عدوا جاء ليحتل الخليه أو سارقا لينهب عسلها 0 بمثل هذه الرائحة المستفزه – المثيره والمزعجة – تهاجم الملكات الخائفة , فتهرب أو تقتل 0
لنطلق على تلك الرائحة ( فيرمون الخوف ) لانها لاتنطلق الا في ظروف يحكمها الخوف , ويتعذر فرزها في الاحوال العاديه , ومن خصائصها ان الملكه لاتستطيع السيطرة عليها , لاتتحكم في فرزها مثلما تفعل بروائحها الاخرى 00 واذا ماحاولنا أن نبحث عن مصدرها في أعضاء الملكة لانجدها ضمن فيرمونات (الماده الملكيه ) التي تفرزها غدد الفك العلوي ويربو عددها على (13) فيرمونا , اذن فالغدد الفكية ليست مصدرا لفيرمون الخوف حاليا , هذا يدعو الى التحري عن المصدر في اتجاه اخر , قد يكون في الغدد التي لم يتضح دورها بعد في حيوية الملكه , مثل غدد اللسع , والغدد تحت الابيدرمية لترجات البطن من ( 2-4) , وفي غدة رائحة نازانوف Nasanov Scent gland التي يشك بوجودها في الملكه , وسواها 00 لذلك فالمفهوم الحاضر - وحتى يتبين المصدر – يقود الى تقرير ان (فيرمون الخوف ) موجود وفعال في ملكة نحل العسل , مع عدم الوصول الى مكتن وجوده ومعرفة كيميائياته 0