حوار مع النحال محمد السعدي: تربية النحل في العراق .. مهنة مهددةٌ بالزوال

حوار مع النحال محمد السعدي: تربية النحل في العراق .. مهنة مهددةٌ بالزوال


أين العسل العراقي؟ ماسر غيابه وتراجعه، النحالون أم خلايا النحل؟ ام هو التسويف المرتبك وغير المنظم، ام اسواقنا المشرعة الابواب والنوافذ للاستيراد دون حسيب او رقيب على المنتج الوطني؟ تساؤلات عديدة عن واقع تربية النحل في البلاد وعلاقة هذا بالقطاع الزراعي يجيب عليها النحال العراقي محمد السعدون الذي ينتمي إلى عائلة عراقية عريقة عُرفت بنضالها ضد الإنجليز، فجده عبد المحسن السعدون رئيس وزراء العراق سابقاً وصاحب مواقف مشرفة يشهد لها الجميع، فلم تزل مقولته المشهورة تتبادر في أذهان المناضلين اذ قال : «الشعب يريد الخدمة .. والانجليز لا يوافقون»، ذهبنا أنا والزميل المصوّر إلى منزل السيد محمد السعدون في ناحية الموفقية بمدينة الكوت، واطلعنا على عمله في خليته النحلية التي تبعد بضعة كيلومترات عن منزله، وأجرينا معه هذا الحوار الذي يسلط الضوء على مهنة النحالين والمشكلات التي يواجهونها في مجال عملهم، وعن العسل المستورد المنتشر في الاسواق العراقية وبخس اسعاره قياساً بسعر العسل العراقي الطبيعي، مما دفع العائلة العراقية الى الاتجاه نحو هذه المنتوجات المستوردة التي يقول عنها النحال محمد السعدون بأن غالبيتها منتوجات مغشوشة:

حدثنا عن بداياتك في عالم النحل؟

بداياتي في هذا المجال تعود تقريبا الى ما قبل 11 عاما، فأنا مزارع وأعمل في هذا المجال منذ سنين، أما النحل فقد كانت هوايتي منذ زمن طويل، ثم طورتها الى مهنة تجارية، واخذت اطور نفسي في هذا المجال، وعمدت الى الدخول في دورات تأهيليلة في عالم النحل، وقمت في بادئ الامر بجلب خليتين للنحل، واخذت اكثر من الخلايا النحلية مع مرور الوقت، والحمد لله انا اليوم من النحالين المعروفين في عموم العراق.
هل انشأتم جمعية خاصة بكم هنا في الكوت؟

هناك جمعية في مدينة الصويرة خاصة بالنحالين، ونحن في المدينة نتشترك في كل المهرجانات في محافظة واسط، وكذلك المعارض التي تقام في عموم محافظات العراق فإنني اشترك بها كممثل عن محافظتي، وهناك الكثر من المعارض التي اشترك فيها ومنها في شمالي العراق وفي بغداد والنجف وغيرها، وهناك جناح خاص لنا في كل المعارض التي تقام في العراق.

حدثنا عن النحالين المعروفين في محافظة واسط.

فضلا عن تواجدي في محافظة واسط فهناك اسماء مهمة منهم النحال جليل عزاوي والنحال صادق مصطاف وهم من ابرز نحالي المدينة.

برأيك ما الشيء الذي يفتقده النحال العراقي في الوقت الحالي؟

بصراحة هنالك عدة أمور يفتقدها النحال العراقي في مقدمتها الدعم من وزارة الزراعة التي من واجبها دعم النحالين بالتجهيزات والمستلزمات كافة، كذلك مسألة العسل المستورد الذي يأتينا من الخارج، فهو يؤثر على عملنا نحن النحالون، لذلك نتمنى ان تكون هناك رقابة على هذا المنتوج الذي اغلبه مغشوش ويباع بإسعار منخفضة، لذلك فتجد الكثير من الناس يرغبون باقتنائه لرخص اسعاره ظنا منهم انه عسل اصلي.

هل تعملون بجهود شخصية اذن؟

نعم، اعتمادنا وعملنا ذاتي، لاننا مهملون من قبل الجهات المسؤولة ولا اعرف لماذا.

ما هي المناشئ التي تأتي بالعسل الاصلي؟

هناك عدة مناشئ، يأتي في مقدمتها العراق، فالعسل العراقي ومن دون مبالغة تميز عن غيره، هناك جمعيات خاصة بالعسل تزور العراق موسميا أخذت نماذج من العسل العراقي لدراسته، فثبت لهم بان العسل العراقي هو الاجود على الاطلاق، لما فيه نسبة حبوب لقاح عالية.

ماذا عن المشاركات الخارجية؟

شاركت جمعية النحالين العراقيين بعدة مهرجانات ومعارض خارج القطر، منها مهرجان اتحاد النحالين العرب في مصر، وكذلك في سوريا والاردن وغيرها، وكانت مشاركة النحالين العراقيين مشاركة مميزة مع انهم غير مدعومين من الجهات المعنية، لكن اعتمادهم على انفسهم ومحاولتهم في الظهور بصورة لائقة وسعيهم من اجل النجاح كان حاضرا في هذه المشاركات.

ماذا عن اجتماعاتكم في جمعية النحالين؟

لدينا منهج خاص بنا، ونلتقي كل يوم سبت في المقر العام في بغداد بحضور غالبية النحالين العراقيين المنتشرين في عموم محافظات العراق، ونناقش من خلال هذا الاجتماع وضع النحالين العراقيين ومشكلاتهم.

هل هناك شركات عراقية تحاول التعاون معكم؟

للأسف لا يوجد شيء من هذا القبيل، كنا نتأمل من المنظمات المدنية بأن تدعم مشروعنا في سبيل تطويرنا بهذا المجال، لكن للأسف ليس هناك راعٍ لنا ولمشروعنا.

كيف تروجـون لنتاجــكم اذا؟
نقوم ببيع ما ننتجه حسب سكننا، فأنا مثلا أقوم ببيع ما أنتجه الى التجار العراقيين، فضلا عن خروج الكثير من هذا النتاج الى دول الخليج التي تهتم بالعسل العراقي وشرائه.

هل نستطيع أن نقول بأن هذه المهنة اندثرت في العراق؟

لا لم تندر بقدر ما أصابها من الضعف الكثير، لكن بجهود النحالين الذين يبذلون جهدهم من اجل الابقاء على هذه المهنة الجميلة حبا منهم بها لذلك تجدهم يلهثون وحدهم من اجل جلب الاجهزة الحديثة التي من شأنها تطوير عالم النحل في العراق وكذلك استيراد نوعيات جيدة من الملكات لتطوير نتاجهم.

كيف تدير النحل الخاص بك؟ وهل تواجه متاعبا فيه؟

انا متواجد بشكل يومي في المنحل خاصة بالموسم الخاص بالنحل، ابتداءً من شهر شباط حتى شهر تموز، فتجدنا في هذه المدة متواجدين خلال 24 ساعة من اجل رعاية المنحل.

ماذا عن الحالات المرضية التي تعالجونها بواسطة اللسع او تعاطي العسل؟
هناك الكثير من الحالات تأتينا يوميا، ولا أخفيك منهم من يأس من الطب، منها معالجة مرض الرومانتيز والصداع النصفي وآلام المفاصل فكل هذه الامراض وغيرها نعالجها باللسع عن طريق منهج مجدول، وأتت بنتائج كبيرة وملموسة، اما علاجات العسل فهي كثيرة ايضا منها العقم او (الضعف الجنسي) واستطعنا بفضل الله ان نأتي بنتائج رائعة في هذا المجال، فضلا عن علاج امراض اخرى كثيرة لا يسعنا ذكرها هنا.

ماذا تنتظرون من الجهات المعنية؟

نتمنى منهم ان يدعموا النحالين، حقيقة يحز بأنفسنا عندما نرى الرعاية الكبيرة التي يحظى بها النحالون العرب من قبل الجهات التي ترعاهم، في حين نعاني نحن من الاهمال، نأمل بأن يتغير الوضع ونكون كما غيرنا من النحالين العرب.

ما هي الانواع المتوفرة لديكم حاليا وما فائدة كل نوع منها؟

نحن هنا في العراق نعتمد على اربعة أنواع تقريبا، هي الكالبتوز ونستخدمه لعلاج ضيق التنفس وامراض الامعاء والقرحة وغيرها، والنوع الثاني هو عسل السدرة ونستخدمه لعلاج امراض الدم وكذلك العقم، اما عسل البرسيم فيكون استخدامه لعلاج امراض السكري لان نسبة السكريات فيه قليلة جدا، وعسل الحمضيات نستخدمه للحالات النفسية وحالات الاجهاد البدني ايضا، اما لو سألتني عن الاجود، فنحن في المحافظات الجنوبية نمتاز بعسل السدرة، لانه يمتاز بنكهة خاصة ومميزة.

كلمة أخيرة؟

اتمنى من وزارة الزراعة ان تهتم بالنحالين العراقيين، وتقدم لهم الدعم الكافي كي تبقى هذه المهنة وتتطور وتستمر مع مرور الوقت.

2012-12-12 الكوت ـ كوكب السياب