العسل بين القران والسنة والصحة -- عاطف القواقنة

لقد أكرم الله سبحانه وتعالى النحل أيما تكريم , اذ بلغ هذا التكريم منتهاه حين خصص الله سبحانه سورة من القران عرفت باسم سورة النحل, هذه السورة الحافلة بايات النعم والعطايا من الله الكريم للإنسان , وفيها الدليل والحجة على تيسير سبل انتفاع الإنسان بما خلق الله.
يقول الله سبحانه: وأوحى ربك الى النحل أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون, ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف الوانه فيه شفاء للناس ان في ذلك لاية لقوم يتفكرون. الاية 69 سورة النحل.
نرى من هذه الاية السر في سلوك النحل والذي جاء لها بتوجبه من الله سبحانه , بأن تسلك طرقا محددة أثناء حياتها وأثناء صناعتها للعسل , وذلل لها كل الطرق التي تضمن لها هذا السلوك , ليتحقق أمر الله في اعجاز اياته بصناعتها للعسل الذي به شفاء للناس, بالرغم من أن دماغ النحلة لا يتجاوز رأس الدبوس الا أنها تفوق على الإنسان في اختيارها الطريق الصحيح, فمن الذي سخر لها هذا؟ أهي الطبيعة العمياء كما يقول المشككون في وجود الله وقدرته وفعله وأثره؟
عن عبدالله بن عمر رضي الله عنه يقول: ان مثل المؤمن كمثل النحلة, أكلت طيبا ووضعت طيبا , وان وقعت على عود نخر لم تكسره.

ولأن العسل فيه شفاء من جميع الأمراض , لأنه لو كان فيه شفاء لبعض الأمراض دون غيرها لأشار رسولنا الى ذلك. والرسول صلى الله عليه وسلم عندما يصرح بذلك ليس من دافع الهوى , انما هو وحي يوحى علمه شديد القوى.
لذلك العسل يعتبر على رأس قائمة الأدوية , بل من خيرها , على أن يكون التداوي به متواصلا لا منقطعا, وأن يكون المتداوى به متيقنا بصدق رسول الله عليه أفضل الصلاة والتسليم , مؤمنا بما جاء في هديه .

عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ان أخي استطلق بطنه, فقال رسول الله اسقه عسلا, فسقاه ثم جاء فقال اني سقيته عسلا فلم يزده الا استطلاقا, فقال له ثلاث مرات اسقه عسلا , ثم جاء الرابعة فقال له رسول الله اسقه عسلا, قال لقد سقيته فلم يزده الا استطلاقا , فقال رسول الله : صدق الله وكذب بطن اخيك, فسقاه فبريء و متفق عليه.

ومن الاية السابقة , استخلص العلماء بأن أجود أنواع العسل هو الجبلي ثم يليه الشجري ثم يليه الأليف الذي يعيش بالقرب من الإنسان, وذلك كما جاء في الترتيب القراني :أن اتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون.

وفي اية اخرى يقول الحق تبارك وتعالى واصفا الجنة : مثل الجنة التي وعد المتقون فيها انهار من ماء غير اس وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى . اية15 سورة محمد .
فالعسل من طعام وشراب أهل الجنة الذي يتلذذ به أهل الله وأولياؤه وخاصته .

عن عائشة ام المؤمنين رضي الله عنها قالت كان أحب الشراب الى رسول الله العسل.
وعنها قالت : كان رسول الله يحب العسل والحلوى.

وعن انس رضي الله عنه قال: سقيت رسول الله بقدحي هذا الشراب كله, العسل والماء واللبن .
وعنه صلى الله عليه وسلم قال: الشفاء في ثلاث: في شرطة محجم, أو شربة عسل, أو كية بنار , وأنا أنهى امتي عن الكي – رواه البخاري. ولقد أخر رسول الله الكي بالنار أو نهى عنه لما فيه من شدة الألم والمشقة على امته بأبي وامي انت يا حبيبي يا رسول الله .

وعن الربيع بن خيثم وهو من كبار التابعين يقول : ليس للنفساء الا التمر, وليس للمريض الا العسل.
وعن علي بن ابي طالب كرم الله وجهه يقول: كونوا في الدنيا كالنحلة , كل الطير يستضعفها وما علموا ما ببطنها من النفع والشفاء.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه يقول: ان العسل فيه شفاء من كل داء , والقران شفاء لما في الصدور.
من هذا كله نرى ان الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين درجوا على الإعتقاد بأن الشفاء من جميع الأمراض محقق بالعسل استنادا لنص القران وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم , لذا داوموا عليه في علاج مرضاهم , فما أحوجنا نحن الان للتصديق بهذا الهدي النبوى , وما أحوجنا للتداوي بالطب النبوى الذي هو وحي يوحى من البارء عز وجل . وكل الهدي النبوي فيه الخير والنفع للامة.

أما عن نوع العسل , لونه ونكهته, فانه يعود الى أنواع الأزهار التي هي مصدر الرحيق . ولونه يتراوح بين البيض والصفرة الداكنة , واللون الشاحب هو أكثر اللوان اعتدالا في النكهة.
هذا ولا عيب في العسل كما يظن البعض اذا ما تعرض للتحبب ( تكوين بلورات سكرية ) , فانه أمر طبيعي يعود الى تحلل العسل الى مكوناته: سكر الفركتوز وسكر الجلكوز الموجود في رحيق الأزهار, ومع انه غني بالسكريات, الا انه المادة السكرية الوحيدة الذي لا يتلف الأسنان واللثة كباقي السكريات, بل يعتبر علاجا للثة والتسوس الذي يصيب الأسنان, فسبحان الخالق الذي خصه بهذه الخاصية .

أما عن القيمة الغذائية للعسل :

فهو مصدر غذائي ممتاز ومنتج للطاقة , وهو الغذاء السكري الوحيد الذي لا يحتاج الى تكرير أو تنقية . وهذه ميزة اختصها الله به . وكذلك سكرياته فهي من النوع البسيط الذي يمتصه الجسم بسرعة مما يسرع في تحقيق فوائده بسرعة ايظا.

ولقد ورد في الأثر أن مربي النحل يعمرون طويلا لما للعسل من فوائد ايجابية على الصحة العامة , فهو منشط للدورة الدموية وللكبد وقاتل للميكروبات , يوقي من فقر الدم والكساح والتبول اللاارادي .

العسل مفيد في نمو الأطفال المولودين قبل موعد الولادة خاصة اذا اضيف الى حليب الام .

والعسل طارد للغازات المعوية وللأخلاط البلغمية , لذا أدخله علماء الطب والصيدلة قديما وحديثا في علاجات البطن وعلاجات السعال .
كما انه مفيد لمرضى الكبد حيث يساعد على ازالة السموم وبواقي تفاعل بعض المواد في الكبد , لذا يستعمل كعلاج فاعل لمدمني الخمر لما فيه من سكر الفركتوز الذي يساعد على أكسدة الكحول بالكبد وازالتها خارج الجسم, كما انه يستخدم مع عصير الليمون لإفاقة مدمني الخمر .

ويقلل العسل من حدة النزلات البردية , ويشفي كثيرا من أمراض العيون , وهو مفيد جدا قي علاج الصداع النصفي .

يقول الاستاذ عكاشة في وصفه للعسل: انه شفاء فعال في حالات التسمم وأمراض الكبد والاضطرابات المعوية وقروحها ونزفها وفقر الدم والالتهابات الرئوية والذبحة الصدرية واحتقان المخ وضعف القلب والسرطانات واضطراب الجهاز العصبي .
والعسل بكل أنواعه مقوي للجنس ولإنتاج الحيوانات المنوية عند الرجال , وللبويضات عند النساء, وعلاج مفيد وناجح في حالات العقم لدى الجنسين الذكور والاناث, ولا حرج في الدين فعلى الذين يعانون من الضعف الجنسي أو البرود الجنسي أو من العقم من الجنسين ذكورا واناثا , عليهم بالعسل فانه مثير للجنس ومنشط للجماع وبه العجب العجاب من ايات الشفاء باذن الله .

هذا ما وفقني الله سبحانه للبيان في هذا الموضوع فان وفقت فمن الله الذي له الحمد والمنة , وان قصرت فمن نفسي ومن الشيطان والعياذ بالله الذي استغفره وأتوب اليه .

الكاتب / المصدر: عاطف القواقنة ابو قيس _ دبي  02-07-2013