أحمد الطرموم: آباؤنا عرفوا النحل من الأسفار البحرية

أحمد الطرموم: آباؤنا عرفوا النحل من الأسفار البحرية


في مستهل لقائنا مع أحمد محمد الطرموم، مدير إدارة أبحاث النحل في النادي العلمي الكويتي، قال: عرف الكويتيون النحل منذ أمد بعيد من أيام الترحل في الاسفار البحرية بين الموانئ التي وصلت إليها سفنهم.. لكن على مستوى ضيق ويستخدم من قبل التجار. وكذلك عرفوا العسل من الدول المجاورة، وعرفوا فوائده الصحية وكذلك في المحافظة على التكاثر النباتي من خلال قدرة النحل على تلقيح الازهار والاشجار، وفوائده من الناحية البيئية على حياتهم، وعليه أصبحت الكويت والدول الاخرى تهتم بتربية النحل، ونشأت جمعيات واتحادات ومنظمات واشرافات على تربية النحل.

قال مدير أبحاث العسل: أجدادنا عرفوا الفرق بين عسل النحل، وعسل الرطب، وعسل التمر، وحتى عسل قصب السكر المستورد من مصر، عرفوه جيدا، وأما العسل الاسود فعرف بالدبس وهو مشهور عندنا في الكويت، ويبقى عسل النحل له خصائصه ومميزاته سواء بالطعم أو اللون أو الرائحة.

ولعدم وجود المناحل في الكويت قديما وكما قالوا لخوف الناس من النحل وتربيته، ولعدم وجود ثقافة قديما بفوائده ومنافعه على صحتهم وعلى البيئة التي يعيشون فيها فلم يستعملوه.

أضاف الطرموم: وبعد التقدم الذي بدأ بفوائد اصناف المواد الغذائية، واحتكاك الكويتي بالهند وموانئها واليمن والموانئ الأخرى، أدخل النحل الى الكويت وأول من أدخله يقال إنه شخص فلسطيني اختلفت الروايات حوله، فهناك من قال إنه كان يسكن منطقة المرقاب، وهناك من قال إنه كان يعمل بمنطقة الأحمدي في شركة النفط، كان ذلك تقريبا في بدايات الخمسينات من القرن الماضي، ولكن ما هو ثابت حقيقة وبعد التأكد أن كل من عبد الرحمن العامر أبو عامر، والعم المرحوم محمد بن يوسف النصف، وابنه العم يوسف النصف وأيضا خليل بن شيبة هم أول من أدخل النحل للكويت على سبيل التربية، وأول من استورد النحل شركة بن نصف، وهذا ما ذكره الاخ توفيق المشاري السيف (أبو محمد) من إدارة النادي العلمي آنذاك، والمهندس إياد الخرافي والمهندس أحمد عبدالله المنفوحي، وبعد ان اهتم هؤلاء بتربية النحل في الكويت، أصبح العسل الكويتي من أفضل الانواع العالمية.

وقال: على الرغم من وجود تاريخ مشترك مع الهنود، فإن العسل لم يدخل مبكراً، لأن غالبية المتواصلين معهم كانوا من البحارة الذين يسعون لجلب ما هو ضروري ومناسب للسوق الكويتي، والعسل ليس من ضمن اهتماماتهم، وان جُلِب فكانت الكمية لهم فقط. والكويتيون يعرفونه من خلال تلاوة القرآن الكريم، ولكن من فضل الله تعالى بعد ان عرفناه أصبح عسلنا من أجود الأنواع في العالم، والدليل على ذلك فوز السيد عبدالعزيز أحمد البرجس بالمركز الأول وحصوله على الميدالية الذهبية في عسل السدر الكويتي، وحصوله أيضاً على المركز الثاني والميدالية الفضية في عسل الربيع بالمكسرات، وهذا أبلغ دليل على جودة العسل الكويتي، وهذه المراكز كانت في سبتمبر 2015، في كوريا الجنوبية في «داجون مونديال العسل العالمي».

قال: والنحل الكويتي يعيش على جميع الأراضي الكويتية الخالية من التلوث أو القريبة من المصانع، وذلك لأن النحل لا يقبل العيش في بيئة ملوثة لحساسيته ورغبته في العيش في البيئة الصحية النظيفة، وبالتالي تجد خلايا النحل متواجدة في المناطق الحضرية المسكونة وفي المزارع، وأيضاً في المناطق الصحراوية، وسابقاً في الكويت كانت المراعي من أفضل المراعي للنحل، لكن للأسف قامت الهيئة العامة للزراعة والثروة السمكية بإزالة أغلبها، ومنها الأشجار، خصوصا الصفصاف والكينا والسدر، ونحن في النادي العلمي الكويتي نحرص على ايجاد مراع متنوعة ومختلفة للنحل، وذلك بزراعة أشجار ومتابعة ما نزرعه منها، ومدى اقبال النحل على الرعي منها، والتأكد من وفرة إنتاجه من هذه الأشجار، علماً بان النحل يرعى تقريباً على كل الأشجار والنباتات المتوافرة، حيث انه يريد العيش والحياة، وبالتالي يأخذ رحيقه من الندى الذي يتكون على جذوع الأشجار وسيقانها.

العلاج بالعسل
وتحدث عن الكويتي بعد معرفته بفوائد العسل، خصوصاً في حالة المرض.
قال: كان يعرف العسل المغشوش من خلال مصدره وبائعه، والثقة مع البائع حتى يحصل على الصافي، وعرف الآباء والأجداد المكان الذي يوضع فيه العسل، وكيفية المحافظة على جودته، مثل وضعه في مكان لا يكون ساخناً أو بارداً حتى لا تتأثر عناصر العسل، أي وضعه في درجة حرارة الغرفة العادية. والعسل يحافظ على نفسه، يعالج الكثير من الأمراض، خاصة للضعفاء والشيوخ وخشونة الجلد والاضطرابات الهضمية والعصبية، ويثبت الكلس في العظام، ويحمي من الكساح ونخر الأسنان، وينظم حركة التنفس،
ويفيد المصابين بأمراض الصدر، ويلين ويلطف صعوبة البلع، وذو فائدة عظيمة في الأمراض الباطنية. والعسل يتحول سريعاً إلى طاقة بدنية، لأن في المادة السكرية مزايا كثيرة مهدئة ملطفة تفيد الرياضيين، ولا تعيش البكتيريا في العسل، والعسل يمنحك الدفء والحركة والنشاط، وأكثر العلل علاجها العسل.

وقال الطرموم: صفات العسل كثيرة باختلاف البلاد الآتي منها والفصول والنباتات التي يطوف عليها، وأحبها إليه: البرسيم، والزيزفون، والنعناع، وأشجار الحمضيات، وأجوده للأكل الأبيض الصافي أو الأزرق الصافي الخالي من الحدة، وكان يستعمل عند القدماء بمنزلة السكر.

النساء والعسل
قال أبو محمد: هناك نساء ساعيات وراء الجمال هن يبحثن عن العسل في البناء النسيجي للجلد، يرفع الجهاز المناعي بشكل عام، والجلد يعتبر جمال المرأة، وكذلك شعرها، وهنا العسل له دور في تقوية بصيلات الشعر ونضارته، والعسل يستخدم بحد ذاته أيضاً لعلاج المشاكل الجلدية من حروق، تصبغات، وترهلات، وقد يكون في بعض الحالات يحتاج إلى إضافة بعض العناصر أو المكونات الأخرى، ولكن بشكل عام العسل بذاته ناجح وممتاز لترميم الجلد، حيث انه يساعد على نمو الأنسجة الجلدية بشكل جيد وقوي.
وأضاف: ان شمع العسل هو أحد المنتجات الستة التي ينتجها النحل، ويدخل في بعض أدوات التجميل والكريمات الخاصة بالبشرة والمرطبات الجلدية، ويغذي ويرطب البشرة، كما أنه يستخدم في صناعة الزيوت العطرية لرائحته الزكية وقدرته على التطهير والتعقيم.

عكبر النحل
وتحدث أيضاً عن صمغ النحل (البرويوليس) الذي يسمى «عكبر»، وهو مادة شمعية يجمعها النحل من لحاء الأشجار والبراعم الموجودة في الأزهار والنباتات من أجل أن يستخدمها في إغلاق الخلية في فصل الشتاء، ويثبت أقراص الشمع بين شقوق المغارات التي يعيش فيها، كما يستخدمه النحل في لصق الإطارات الخشبية في البيوت التي يعيش فيها، وكذلك يستخدمه في تحنيط الحشرات والحيوانات التي تغزوه داخل الخلية كالدبابير والفئران بعد أن يقتلها عن طريق اللسع، ويتفاوت لون العكبر بين اللونين الأصفر والبني أو البني المخضر، ورائحته تشبه الفانيلا، وإذا تم حرقه أصدر رائحة جميلة جداً، وللعكبر فوائد لصحة الفرد، حيث يفيد في علاج الكثير من الأمراض المستعصية، لانه يحتوي على زيوت عطرية ومواد راتنجية. وعكبر النحل يعالج الأمراض الفطرية، ويقوي جهاز المناعة والخلايا الليمفاوية ويحفزها على إنتاج المواد المضادة لجميع البكتيريا السبحية والعنقودية، ويحفز إدرار العصارة الصفراوية بوقف النزيف، ويجدد إنتاج الخلايا وتكوين الأنسجة في الجسم، ويقضي على الخلايا المصابة بالسرطان ومفيد جداً في علاج الغرغرينا الناتجة عن الإصابة بمرض السكري، ويساعد على إدرار البول، وارتفاع ضغط الدم، ويحفز إفراز الهرمونات الأنثوية عند المرأة، ويعالج نزلات البرد والانفلونزا والزكام والتهاب اللوزتين المزمن، ومرض انتفاخ الرئة، ومقو جنسي طبيعي لكل من الذكر والانثى، ويعالج الصدفية والعكبر يحتوي على 50 نوعاً من المواد الكيماوية.

معلومات عن العسل والنحل
ــــ أجدادنا لم يعرفوا سابقاً ما يسمى بالعسل الأسود.. إنما نقله الأوائل من المصريين.. وهو يستخرج من قصب السكر.
ــــ فحص كيلوغرام واحد من العسل في ألمانيا يكلف 350 يورو فكيف أفحص عسلا بــ40 ديناراً.. وهنا لا يمكن معرفة العسل المغشوش من الأصلي إلا من مصادر الثقة.
ــــ سم النحل سائل أبيض شفاف تفرزه شغالة نحل العسل من زوج من غدد السم المتحورة ويتم تخزينه في «كيس السم»، الذي يفرغ محتوياته عند اللزوم. يستخدم السم عن طريق اللسع المباشر في علاج المفاصل والبشرة وهو الأفضل.
ــــ النحلة هي صيدلية متنقلة تضمن لنا الصحة الخضراء.
ــــ جمال المرأة في النحل.. تحارب التجاعيد.
ــــ ما قامت به الأميرة كاميليا زوجة الأمير تشارلز ولي عهد المملكة المتحدة قبل سنوات معالجة التجاعيد والنضارة بمنتجات خليط النحل.

أبيات من الشعر
في مستهل لقائنا مع أحمد محمد الطرموم عن تاريخ النحل والعسل في الكويت، بدأ بأبيات من الشعر تتحدث عن النحل:
مملكة مدبرة.. بنحلة مؤمرة
باكرة تستنهض.. العصائب المبكرة
من كل من خط البناء.. أو أقام أسطره
أليس في مملكة النحل.. لقوم تبصرة
مُلْك بناه أهله.. بهمة ومقدرة
لو التمسْت فيه.. بِطال اليد لم تَره
قف سائل النحل به.. بأي عقل دبره
يُجبْك بالأخلاق وهي.. كالعقول جوهرة
فهل رأيت النحل عن.. أمانة مقصرة
ما اقترضت من بقلة.. أو استعات زهرة
أدت إلى الناس به.. سُكْرة بسكْرة
إن الأمور همة.. ليس الأمور ثرثرة

جاسم عباس | اخبار الخليج / اخبار الكويت 2016.07.31

https://www.facebook.com/groups/wordbees