دراسة حديثة… النحل يتخذ خيارات موضوعية وقادر على تغيير سلوكه

دراسة حديثة… النحل يتخذ خيارات موضوعية وقادر على تغيير سلوكه



أنور عقل ضو
ما يزال عالم النحل موضع اهتمام العلماء، ومجالا لأبحاث علمية غالباً ما تفاجئنا بأسرار وغرائب، وتدهشنا في تفاصيل تؤكد أهمية هذه الحشرة الصغيرة، وما لديها من قدرات لا تخطر ببال، في دأبها وكدها، وما تتمتع من خصائص مهمة، تتكشف في ما يتوالى من أبحاث ودراسات تتصدر الدوريات العلمية المتخصصة بقضايا البيئة والتنوع الحيوي.

وفي هذا المجال، نقلت صحيفة “الدايلي ميل” البريطانية، خلاصة دراستين منفصلتين، أكدتا أن النحل برغم كونه حشرة صغيرة، لكنه يعتبر أكثر ذكاء مما كنا نعتقد سابقا، خصوصا وأن إحدى هاتين الدراستين أكدت أن مجموعات النحل لا يمكن اعتبارها مجرد كائنات يقتصر دورها على جمع حبوب اللقاح فحسب، لا بل هي قريبة من البشر في القدرة على السيطرة على رغباتها.

كما أظهر الباجثون أن الوعي لدى البشر يأتي مما يسمى العقل الوسطي، وتضم الحشرات نفس الهيكل العقلي مع اختلاف أدمغتها عن البشر، ويقوم العقل الوسطي بجمع الخبرات الخارجية من حواسنا مع التجارب الداخلية، ويقول مؤلفو الدراسة إن “النحل لا يتصرف فقط بأحاسيسه المباشرة، لكنه يقوم بخيارات موضوعية وقادر على تغير سلوكه”.

قدرات معرفية تنافس الثدييات
وبحسب علماء وباحثين من “جامعة ماكواري”  MacQuarie Universityفي مدينة سيدني الأسترالية، فإن النحلة تعتبر حشرة لها قدرات معرفية، وتنافس في ذلك العديد من الثدييات، وبغض النظر عن هذه الآليات التي تتمتع بها، يعتقد العلماء ان ذلك يمكن أن يكون أكثر من مجرد فضول، وأوضحوا أن خاصية الطيران وسلوكها في جمع حبوب اللقاح يعتبران من الأمور الصعبة جدا، لا بل يتطلبا “وعيا” للتوفيق بين كافة المطالب المتباينة للحشرات، وقد بيّن مسح أدمغة الحشرات أنها لا تستجيب فقط إلى المدخلات الحسية الأولية، بل بالخصائص الأنوية أيضا.

وكتب الباحثون في دراستهم “تتوقف استجابة النحل على ما يتعامل معه في تلك اللحظة، وتشكلت الأنظمة التي تكمن وراء ذلك من خلال الضغوط التطورية المماثلة لتلك التي تشكل المخ الوسطي للثدييات، حيث يقوم (عقل) الحشرة بعمليات مماثلة لنفس الأسباب”.

مهارات حركية معقدة
وكشف الباحثون أيضا أن مسألة الوعي لدى المخلوقات غير البشرية تبقى إلى الآن مثيرة للجدل، وإذ اعتبروا أن الشمبانزي على سبيل المثال يمتاز بالوعي، إلا أن الحشرات لديها تجارب موضوعية بشكل أكبر بالمقارنة مع قنديل البحر، وأوضحوا في السياق عينه أن “النباتات لا تملك الوعي، إلا أن قنديل البحر يملك هذه الميزة، وما يزال التفريق بين الوعي واللاوعي قضية مثيرة للجدل”.

وبالتوازي، أكدت دراسة منفصلة نشرت في مجلة Journal of Insect Behavior، أن النحل يستخدم الطنين لهز الزهور لاستخراج حبوب اللقاح منها، ومع مرور الوقت تعلم النحل كيفية تحسين حبوب اللقاح التي يتم جمعها.

وقاد هذه الدراسة عالم الأحيار التطوري الدكتور ماريو فلاجيو مارين Mario Vallejo-Marin من كلية العلوم الطبيعية في “معهد ستيرلنغ” University of Stirling وزملائه، وذكر الدكتور ماريو “درسنا النحل منذ تعرضه للزهور التي تحتاج إلى هزها لاستخراج حبوب اللقاح، ووجدنا أن الحشرة تبدأ في الاهتزاز بالفعل، وكشفنا أن النحل قادر على تخفيض اهتزازاته لتوفير الطاقة”.

وأضاف ماريو: “يميل النحل إلى الاهتزاز على بتلات الزهور، ولكن بعد زيارتين أو ثلاث يركز النحل جهوده على المنطقة التي تنتج حبوب اللقاح، ما يدل على القدرة الواسعة للحشرات لتعلم المهارات الحركية المعقدة لتعظيم مكافأتهم من كل زهرة، وتشير نتائج دراستنا إلى أن النحل تعلم الحد من وتيرة اهتزازاته التي يستخدمها لاستخراج حبوب اللقاح، في ظل اكتسابه المزيد من الخبرة في السيطرة على الزهور التي تتطلب اهتزازات لإطلاق حبوب اللقاح”.

24 ابريل 2016  green area

https://www.facebook.com/groups/apiculteur/