تربية النحل في عكار.. تهميش يعرقل تحسين النوعية والتصريف

تربية النحل في عكار.. تهميش يعرقل تحسين النوعية والتصريف


تدخل اليوم على حلبة القطاع الزراعي والتربية الحيوانية في عكار أكثر من جهة وطرف تحت شعارات تطوير وتحسين نوعية وانتاجية هذا النوع أو ذاك من القطاع، فيتم تقديم وعود بمشاريع لا سابق لها، ويتم استدراج المربين والمزارعين الى ندوات تحت حجة تعزيز القدرات وتقوية الخبرات وتدفع في سبيلها ملايين الليرات وتبقى النتيجة صفر، فلا المزارع يشعر بتحسن نوعية انتاجه ولا منتوجه يجد طريقه الى التسويق لاتباعه الارشادات التي غالباً ما تسوق لأدوية مكافحة ووسائل تغذية محسوبة على شركات، فتبدأ المشاكل التقليدية ويتضح أن استدراج مثل هذه المشاريع يخدم مؤسسات ذات طابع انتخابي ويبقي المزارع العكاري والمربي مهمشاً، فلا ينال ما يناله من مساعدات ووعود إلا النزر القليل، بل يستفيد مما تم استثماره مجموعة من الموالين والمتنفذين، ويبقى العدد والقسم الآخر على الهامش.
وإذا كان ليس من طبيعة العكاري الا الرضوخ للأمر الواقع والتزام الصمت، فإن الحقائق والوقائع تظهر الكثير من الصفقات وبروتوكولات التعاون التي تنتهي في غير مصلحة من له مصلحة فعلية في تحققها.
هذا الأمر ينطبق على مشروع الحلابات في وزارة الزراعة الذي قيل انه يستهدف تطوير قطاع تربية المواشي وزيادة انتاج الحليب، والذي دشن باحتفاليات لا سابق لها وانتهى من دون أن تظهر النتيجة المتوخاة.
الأمر عينه ينطبق على مشروع "تعزيز قطاع تربية النحل في عكار شمال لبنان، كأداة لمكافحة الفقر"، وهو مشروع دشن منذ ثلاثة أعوام وأعطي أكثر من حجمه. وكان من المفترض أن يدخل عسل عكار الى أوروبا، بحيث يفتح الأبواب أمام المربين والمنتجين، ويتحقق الحلم في مختبر تفحص فيه جودة العسل ونوعيته، ليتضح أن دون ذلك صعوبات ولأسباب مجهولة، ولتبقى ردود الفعل في الهمس بين المربين الذين يتخبطون ويتكبدون عناء تربية دفعوا في سبيل تحسينها من لحمهم وعرقهم.
يؤكد المربي محمود زهرمان أن "قطاع تربية النحل في عكار مني في السنوات الأخيرة بخسائر، حيث فتكت حشرة الفروا بآلاف الخلايا، ما أدى الى تلف معظمها والقضاء بصورة تامة على حشرات النحل في القسم الأكبر منها".
ويعيد الأمر إلى "إهمال كبير من جانب وزارة الزراعة والى الاتجار العشوائي وغير المنظم للأدوية، لنجد أنواعاً من الأدوية الرخيصة والرديئة، فيقع المربي ضحية الغش في ظل غياب دور وزارتي الزراعة والاقتصاد وانعدام الرقابة على هذه السوق التي تستفيد منها فئة من المحتكرين".
ورأى أنه "تم تبشير المزارعين بمشاريع مهمة أدخلتنا في حلم كبير، فبقيت حكراً على البعض ولم يستفد من نتائجها الا القليلون، ونحن كمربين نصارع من أجل الابقاء على ما نملكه، بالاضافة الى مشاكل أخرى مثل التعدي على الأشجار والنباتات الرحيقية، وهي المصدر الرئيسي لتغذية النحل".
ورأى المربي عامر الخضر من منطقة الجومة بلدة البرج أن المشاكل كثيرة ومنها مشكلة الامراض "الفروا والتعفن كالتعفن الأوروبي والأميركي"، وظاهرة هجران النحل، بالإضافة الى مشكلة التسويق والمنافسة من العسل الاجنبي الذي يعتبر رخيصاً ولا يحمل مواصفات العسل الجيد.
واشار الى وجود خمسة عشر ألف قفير في عكار تقريباً، فإذا انتج كل قفير عشرة كيلوغرمات يعني بحدود المئة وخمسين ألف كيلوغرام، ولكن المشكلة أن هناك قسماً يسوق وقسماً يبقى من سنة الى سنة. واعتبر نائب رئيس تعاونية مربي النحل في بزبينا ورئيس مجلس الرقابة في اتحاد النحالين في عكار حسين دياب ان قطاع النحل مساعد لتطوير البيئة، الا أنه يعاني من مشاكل كثيرة كفقدان النحل في القفران، بحيث يتقلص عددها رغم الاهتمام الكلي والمتابعة فانه يقل ويقل، وهذا يؤثر بدوره على مستوى الدخل ويجعل شريحة كبيرة من الهواة وحتى المحترفين الذين كان لديهم طموح بتعزيز وتطوير مناحلهم والاقتصاد الوطني يفكرون بهجران هذا القطاع وتركه وبالتالي ظهور تأثيرات اقتصادية وبيئية.
ولفت الى أن العوامل الطبيعية ساهمت في تفاقم مشاكل القطاع، كما أن البعض يأتي بعسل من الخارج وبالكليكوز العادي في البراميل ويضعونه في القفران ويبيعونه كعسل نحل، فالكثير من النحالين المحترفين وحتى التجار يأتون بالكلوكوز وبعض الصباغ والمعطرات ويبيعونها على انها عسل ولا يكتشفه الا المختبر.
وقال: "من أولى أولوياتنا في عكار استحداث مختبر وحماية انتاج العسل والزهور وروزنامة زراعية"،
وأشار الى افتقاد النحالين للخبرات وطالب بتأمين الأدوية وإجراء دورات مكثفة للمربين وإنجاز روزنامة للمداواة في المكافحة تطاول الجميع في الربيع مرة والصيف مرة لتنظيف كل القفران من الأمراض لدى المربين.
وشدد على ضرورة أن تؤمن وزارة الزراعة روزنامة لحماية الانتاج وتصريفه ومنع المضاربة وفرض ضريبة على العسل المستورد لتصريف الانتاج المحلي.

المستقبل - الاثنين 5 تشرين الثاني 2012 - العدد 4510 - شؤون لبنانية - صفحة 9