يوميات مربي نحل حياة مغمسة بالشهد وشراب الذهب

يوميات مربي نحل: حياة مغمسة بالشهد وشراب الذهب


عمان- من رحيق الزهور، تجلب عسلها، ومن رقة الريح، تتعلم أن تختار الزهرة المناسبة كي تحط عليها، فمن زهرات البساتين، إلى ورود الحقول، تتابع النحلة رحلتها بصبر وأناة ومتعة، بحثا عن خلاصة الرحيق، الذي تحوله في ما بعد إلى شهد شفاف، يقطر عسلا ورقة، والوقت بالنسبة لها ضيق جدا، لا يتجاوز حدود فصل الربيع، وعليها أن تستثمر الورد حتى آخر قطرة.
واليوم، ستكون الوقفة في منحلة عسل، يملكها التاجر جهاد الجرابعة، الذي اختار لها أن تكون بين بساتين كثيفة، بعد أن قسم المنحلة إلى خلايا كثيرة، منتشرة بين الأشجار، لتجود عليه بالعسل الطبيعي، الذي بات معروفا في المنطقة كلها، نظرا لصفائه وعذوبته.
اهتمام الجرابعة بالنحل، جاء لتقديره للفائدة العظيمة للعسل، فضلا عن أن الفكرة غير مطروقة في المنطقة التي يسكن فيها، ومع مرور الوقت، اعتاد إبراهيم التعامل مع النحل، ومعرفة الوقت المناسب لإخراجه من خلاياه الشمعية، وطريقة استخلاص العسل من الخلايا.
ويمتلك الجرابعة عددا لا بأس به من صناديق النحل، والتي تتجاوز 100 خلية، حيث يوليها عناية خاصة.
وحول أوقات الإنتاج، يقول "يعتبر فصل الربيع من أهم الفصول في إنتاج العسل، حيث تزهر الورود وتنتشر في كل مكان، وينطلق النحل ليجوب كل البقاع، وهناك العسل الجبلي الذي يستخلص في منتصف الصيف، ويتراوح ثمن كيلو العسل من 13 إلى 15 دينارا".
أما التعامل مع النحل فتلزمه إجراءات خاصة، وتعليمات يجب التقيد بها، ومن يجهلها يعرض نفسه لهجوم النحل، ففي المنحلة يرتدي الشخص زيا خاصا، يغطي جسمه كاملا، لمنع وصول لسعة النحلة إلى الجسم، ويرتدي العامل أيضا قبعة كبيرة تغطي رأسه ووجهه، ولا تظهر سوى العينين، اللتين تحميان بطبقة شفافة، وفق الجرابعة.
ويضيف أن على العامل أن يكون شديد الحذر عند التعامل مع خلايا النحل، متجنبا لمسها بيدين مكشوفتين، بل ينبغي أن يرتدي قفازات.
ومن العسل أنواع، تبعا لنوع رحيق الزهور التي يحط عليها النحل، وفي بعض المناحل يقوم أصحابها بزراعة أنواع زهور معينة، يرغب الناس في عسلها، ويتم إطلاق النحل عليها .
وبعد عملية إنتاج العسل، يقوم إبراهيم بتعبئته في "مرطبانات" زجاجية، وكتابة نوع العسل عليها، وعرضها للبيع، وقد يتوجه أحيانا الزبائن إلى المنحلة لكي يقوموا بالتوصية على العسل قبل أوانه، ومنهم من يقطع مسافات طويلة للحصول على العسل الطبيعي، ويأخذون كميات تكفيهم العام بأكمله.
ويقضي الجرابعة أغلب وقته في المنحلة، لأنه يجد فيها متعته وتسليته، وليراقب الإنتاج عن كثب.
ويبدأ إبراهيم يومه من الصباح الباكر، إذ يقوم بالعناية اللازمة بمنحلته، ويشرف على إنتاج العسل وكمياته.
ويقول "إن القيمة الاقتصادية للنحل لا ترجع فقط إلى ما ينتجه من عسل، وحبوب لقاح، وشمع، فقط، بل أيضا إلى وظيفته الحيوية، المتمثلة بتلقيح المحاصيل الزراعية".
"نهتم بتربية النحل لإنتاج العسل، لما لذلك الشراب اللذيذ من فؤائد غذائية لا حصر لها، ولقد عرف الإنسان تلك الأهمية الغذائية منذ آلاف السنين، كما عرف الأهمية العلاجية لهذا الشراب الذهبي، لكثير من الأمراض، وما يزال الناس يستخدمونه حتى الآن للعلاج" كما يقول الجرابعة.
ويرى أنه يجب العمل على الإكثار من زراعة أشجار ذات زهور قادرة على جذب النحل، كالكينا، والزيزفون، والكستنا، والأكاسيا البيضاء، في المناطق الحرجية، ما يوفر مراعي مناسبة، مشيرا إلى أن الميزة التنافسية للعسل الأردني، تتضح في تنوع المرعى وانخفاض نسبة الرطوبة التي ترتفع في العسل المستورد.
ويبلغ الإنتاج السنوي لعسل النحل في الأردن ما يقارب 1200 طن سنويا، أي ما يضاهي 20 مليون دينار، على الرغم من اشتداد المنافسة مع المستورد، ووفقا لأرقام دائرة الإحصاءات العامة، بلغت مستوردات المملكة من العسل الطبيعي خلال العام 2009، ما يقارب 700 طن، وبما قيمته 2 مليون دينار تقريبا، في حين قدرت الدائرة عدد خلايا النحل في المملكة بـ 120 ألف خلية.

معتصم الرقاد نشر : 26/04/2011 جريدة الغد

http://www.4shared.com/account/dir/Z2eiQDwA/_online.html