نحل العسل وعلاقته بالانسان

بسم الله الرحمن الرحيم
((نحل العسل وعلاقته بالإنسان))
العسل هذا الغذاء الذي ينتجه النحل غذاءً له، لطالما أحب الناس التلذذ بأكله والتداوي به،هذا الغذاء العجيب الذي استلذ به الإنسان وكذلك الحيوان وعرفا طريقهما إليه لم يكن إلا نتاج ساعات وأيام مضنية من العمل لكي يقوم بجمعه النحل الذي زاد من مقاومته ودفاعه عن خلاياه وعسله كلما زادت شراهة الإنسان والحيوان لهذا المنتج.
النحل هذا المخلوق الصغير الذي خلقه الله سبحانه وتعالى وعلمه أرقى الفنون الهندسية المتمثلة في بيوته التي إن دل بناؤها على شيء فإنما يدل على المهارة والإتقان،وكما الهم الله النحل المهارة التي يتقن بها بناء خلاياه بالشكل السداسي فقد أعطاه الله سبحانه وتعالى وسائل للدفاع عن خلاياه وغذائه حيث مكنها ذكاؤها الغريزي من التفنن في اختيار الأماكن التي تقيم بها تلك البيوت، ويقول العالم ( فترلنك) في كتابه ( حياة النحلة): " لو أن أحداً من عالم أخر هبط إلى الأرض وسأل عن اكمل ما ابدعه منطق الحياة لما وسعنا إلا أن نعرض عليه قرص الشمع المتواضع الذي يبنيه النحل"، ويقول (كريسن مورسيون) والذي شغل منصب رئيس أكاديمية العلوم بنيويورك بعد أن استعرض وظائف الملكة والعاملات في خلية النحل:"لابد أن يكون هناك خالقاً ارشدها إلى كل تلك الأعمال العظيمة التي تقوم بها بإتقان بديع".
ولقد كرم الله سبحانه وتعالى النحل بأن أوحى إليه حين قال تعالى: { وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ ثُمَّ كُلِي مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلاً يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا شَرَابٌ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ }. ( النحل، الاية 68-69).
ولقد عرف الإنسان العسل والنحل منذ قديم الزمان، بل إن بعض الدراسات تقول بأن تاريخ تربية النحل يعود إلى العصر الحجري الوسيط ، وباستغلال الإنسان لعقله وصفاته الجسمية الخاصة لتسخير الطبيعة لمنفعته استطاع الحصول على العسل من خلايا النحل، فكان الإنسان سابقاً يأتي بيوت النحل مهاجماً أيها بالعصا متحملاً لسعات النحل، فكان يأخذ ما يستطيع حمله من العسل فاراً بما حملت يداه؛ غير أن العرب المسلمين الذين كانوا هم ايضا بحاجة إلى العسل وفوائده الطيبة ولم يريدوا إيذاء هذا المخلوق استطاعوا أن يبتكروا بعض الحيل البسيطة ليحققوا غرضهم، فقد اهتدوا إلى إشعال نيران تطرح دخاناً كثيفاً قرب بيوت النحل الذي ما إن يشم الدخان حتى يخرج مغادراً إلى أماكن بعيده، وهكذا استطاعوا الوصول إلى خلايا النحل وتناول العسل وحمل كميات كبيرة منه في جرار وأواني، وأحيانا أخرى لجئ العرب لطرق أخرى وذلك بلف انفسهم بجلود سميكة لتحميهم من لسعات النحل، ولكنهم لم يكتفوا بذلك بل عرفوا كيف يربونه بالقرب من الحقول والأودية الغنية بأنواع الأشجار والأزهار المختلفة، ثم أقدم العرب على بناء بيوت خاصة للنحل، لقد صنع العرب بيوتاً للنحل من السلال المصنعة من الأغصان والمبطنة بالطين ثم عملوا على بناء خلايا النحل باستخدام الخشب وانتقلت هذه الفكرة إلى أوربا حيث لازالت تلك الطريقة سائدة إلى يومنا هذا؛ وأكدت إحدى الدراسات أن ليبيا كانت من أقدم الأقاليم التي عُرفت بتربية النحل حيث بينت تلك الدراسات أن الليبيون قاموا بتعليم الإغريق تربية النحل منذ عصر مبكر، ويذكر( داود الحلاق) في كتابه ( اوشاز الاسلاف) انه تم العثور على مناحل وأدوات متعلقة بتربية النحل داخل الاوشاز والكهوف بمنطقة الجبل الأخضر وهذا يدل على أن الاسلاف من أجدادنا قد اولوا تربية النحل قدراً عظيماً من الاهتمام، كما يذكر العثور على بعض الوثائق المتعلقة ببيع وشراء خلايا النحل والتي وُثقت إحداها بتاريخ 1314 للهجرة.
وبهذا يمكن القول بأن العلاقة بين الإنسان والنحل كانت علاقة وطيدة منذ القدم.