هل وصلت ظاهرة اختفاء خلايا النحل إلى لبنان؟ انتاج العسل يتراجع ٦٠٪.. ولا إجراءات رسمية

هل وصلت ظاهرة اختفاء خلايا النحل إلى لبنان؟ انتاج العسل يتراجع ٦٠٪.. ولا إجراءات رسمية



هل وصلت ظاهرة هروب خلايا النحل إلى لبنان بعد أن اجتاحت مناطق عدة في العالم؟
ومن هي الجهة المفترض أن تقدم إجابات حيال هذه الظاهرة؟ وماذا أعدت الدولة عبر وزاراتها ومؤسساتها لحماية هذا القطاع الذي يمثل مرفقا اقتصاديا يعتمد عليه الآلاف من المزارعين والمواطنين كمصدر رزق؟
إذا أخذنا منطقة جبل لبنان الجنوبي (عاليه، المتن الأعلى والشوف) نموذجا للوقوف على هذه الظاهرة، نجد أن قطاع النحل يواجه تبعات اختفاء الخلايا التي اجتاجت العالم عام 2006، ما يؤكد أن لبنان لم يعد في منأى عن نتائجها الكارثية، ليس على مستوى إنتاج العسل فحسب، وإنما على مستوى ما يمثل النحل من أهمية على وجود الانسان إذ يؤكد العلماء أن نهاية النحل تعني نهاية تلقيح النباتات ما يفضي إلى فقدان الإنسان لمصادر غذائه. “Green Area” واكب هذه الظاهرة من خلال نحالين وخبراء للوقوف على أسبابها ونتائجها وسبل مواجهتها. تقول الخبيرة في المحاصيل الزراعية الدكتورة ديانا مروش أبو سعيد في هذا المجال أن “ظاهرة انهيار الخلايا تعرف علميا بـ Colony Collapse Disorder”، وتضيف “ثمة عوامل عدة وراء هذه الظاهرة ولعل أبرزها التغير المناخي فضلا عن استخدام المبيدات الزراعية السّامّة، والفيروسات وتلوّث الهواء“



انهيار النظم الايكولوجية
وتعتبر أبو سعيد أن “هذه الظاهرة لا بد ملاقاتها بكثير من الاهتمام كونها مرتبطة بالإنتاج الزراعي والتنوع البيئي“، وتضيف أن “ثمة تحديات تبدأ من إيلاء البيئة اهتماما استثنائيا خصوصا في موضوع المبيدات الزراعية التي تتسبب بانهيار النظم الايكولوجية ومن بينها النحل وما يمثل من حلقة أساسية في دورة الانتاج الزراعي، مع مراقبة متأنية لأمراض النحل التي تضعف الخلايا“، وأكدت أنه “يجب مراعاة كل هذه الجوانب لأنه لا توجد معالجة واحدة لهذه الظاهرة“.
ويرى مربي النحل سامي أبو سعيد أن “متابعتنا لاختفاء الخلايا بدأت منذ العام 2008 لكن لم نتمكن من الحد من انتشارها“، ويضيف “تراجع انتاج العسل في منحلي الى اكثر من 60 بالمئة“، ويشير إلى “اننا أطلقنا نداءات عدة للمساعدة ولم نلق أي جواب في ما عدا جهودنا المشتركة كنحالين في منطقة عاليه بحيث ارتأينا أن نجتمع ونتبادل المعلومات ومراجعة بعض الدراسات القليلة فوصلنا الى استنتاج بأن هروب الخلايا ناجم بشكل كبير عن تراجع عدد العاملات بسبب الامراض وعوامل اخرى“.

النحلة حارسة البيئة
فيما يرى ايلي هيدموس أن “المشكلة أكبر مما كنا نتوقع بحيث انني كنحال صغير أملك عشرين قفيرا لم يبقَ لدي سوى خمسة قفران فقط“، ويشير إلى أن “بعض الدول الأوروبية أطلقت حملة للتصدي لهروب الخلايا تحت شعار: (النحلة حارسة البيئة)، فالمشكلة ابعد من لبنان وتتطلب جهدا دوليا على ان يكون لبنان حاضرا وليس متلقيا لما يصدر عن مراكز الابحاث فحسب“



الجمعية التعاونية لمربي النحل في المتن الأعلى
رئيس “الجمعية التعاونية لمربي النحل في المتن الأعلى” الباحث عبدالناصر المصري أشار لـ Green Area إلى أن “حالات هروب أو اختفاء الخلايا تحصل ونشهدها كأية حالة مرضية تواجه النحل“، لافتاً إلى “اكتر ما نواجهها مع نهاية موسم العسل عندما يقل عدد العاملات“.
وربط المصري هذه الظاهرة بعوامل عدة، فرأى أنه “اذا كانت هناك آفات كثيرة وخاصة (الفاروا) فإن ذلك يؤدي الى انخفاض عدد العاملات وصولا الى انهيار القفير تماما“، ولفت إلى أنه “ممكن خلال شهر ونصف الشهر أن ينهار القفير ولا يعود هناك نحل، واحيانا تكون هناك كميات من العسل ولا وجود للنحل“.
وأكد المصري أن “هذه الظاهرة عمرها عشرات السنوات وهي موجودة ونحالة كثر كانوا يفقدون قفرانهم، وربما لعدم متابعة هذه الظاهرة تبدو وكأنها جديدة“.

دق ناقوس الخطر
وقال: “من حوالي السنة أكدت أنه لا بد أن ندق ناقوس الخطر وقمنا كجمعية بتنبيه النحالين وبدأنا المعالجة وهناك دواء يصلنا من قبل الوزراة اسمه (بيفيتال) يمكن استخدامه حتى بوجود العسل لانه مركب من مواد طبيعية تؤذي الفاروا ويقضي عليه خلال اربع ساعات تقريبا، ومن الافضل استخدام الدواء صباحا أو مساء، مباشرة قبل غياب الشمس مع انخفاض الحرارة“.
وأشار إلى “أنني تمكنت بفعل المتابعة الدقيقة لمنحلي في بلدة صليما في المتن الأعلى من انقاذ الخلايا في حدود كبيرة وخسائري لم تتعد الـ 5 بالمئة ولكن ثمة خسارة على مستوى الانتاج وكميات العسل“.
وأضاف المصري “اثرت هذا الموضوع مع معظم النحالين لان المشكلة واحدة، وهناك فضلا عن (الفارو) عشرات الاسباب تجتمع منفردة او مع بعضها البعض، وما ساعدني في حدود كبيرة أنني أملك 180 قفير اراقبها اسبوعيا والحظ دائما التغيرات التي قد تبدو بسيطة في البداية“.
وأكد أنه “لا يمكن تحديد عدد القفران التي هجرها النحل في المتن الأعلى، لان ثمة من هم خارج التعاونية، وحددنا اجتماعا لمعالجة المشكلة ومعرفة ما تسببت من أضرار تختلف بين نحال وآخر، فضلا عن تبادل خبراتنا كفريق عمل واحد“.
يبقى السؤال: أين دور وزارتي الزراعة والبيئة وسائر الجهات المعنية الرسمية خصوصا وأن هذه الظاهرة لا تقتصر على منطقة دون غيرها، وما هي الخطوات المفترض أن تتخذ للحد من نتائج الكوارث الناجمة عنها؟ إلى الآن ليس ثمة ما يشي بأن هناك خطوات جدية لرصد هذه الظاهرة وتحديد ومعالجة أسبابها، ما يعني أن المشكلة ستتفاقم أكثر بانتظار أن تتحرك الجهات المعنية على نطاق واسع كي لا يخسر لبنان قطاعا منتجا ومرفقا يعتاش منه الآلاف في مختلف مناطق لبنان.

سلام ناصر “Green Area”
26 مارس 2015

https://www.facebook.com/groups/apiculteur/